فقد كذب، و قد كان الفضيل بن عياض رحمه
اللّه تعالى يقول: لا يكمل العابد حتى يصير يرى إخلاصه رياء و و اللّه لو قيل لي
إن الخليفة داخل عليك الساعة فسويت لحيتي بيدي لقدومه لخفت أن أكتب في جريدة
المنافقين اه.
و أما ترك القوم رضي اللّه عنهم للشهوات فدليلهم في ذلك الأخبار من
الكتاب و السنة، و قد كان وهب بن منبه رحمه اللّه تعالى يقول: تصد الشيطان لعنه
اللّه لسليمان بن داود عليهما الصلاة و السلام فقال له: ما أنت صانع بأمة محمد صلى
اللّه عليه و سلم إن أنت أدركتهم، فقال: أزين لهم الدنيا حتى يكون الدينار و
الدرهم أشهى لأحدهم من شهادة أن لا إله إلا اللّه، و كان وهيب بن الورد رحمه اللّه
تعالى يقول: من غلب شهوته فهو خير من الملائكة لأنهم عليهم الصلاة و السلام عقول
بلا شهوة، و من غلبته شهوته فهو شر من البهائم لأنهم شهوة بلا عقول.
و كان الأحنف بن قيس رحمه اللّه تعالى يقول: من أكل الشهوات و طلب
حفظ فرجه فقد رام المحال، و قد كان أبو حازم رحمه اللّه تعالى يمر على الجزار
فيقول له الجزار خذ لك لحما و أنا أصبر عليك، فيقول له: أنا أولى منك بالصبر على
نفسي، و كان يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى يقول: محاربة الزاهدين تكون مع الشهوات
و محاربة التوابين تكون مع السيئات و من أراد حماية نفسه من دخول النار فليترك
سائر ما تشتهيه نفسه في الدنيا.
و قد قال عتبة الغلام يوما لعبد الواحد بن زيد رحمهما اللّه تعالى:
إن فلانا يصف نفسه بأخلاق لا نذوقها و هو صادق عندنا فما سبب عدم فهمنا بحاله
فقال: لأنه لا يأكل خبزه بلا أدام و أنتم تأكلونه بالأدام و كل ما زاد على الخبز
فهو شهوة.
و كان أبو العباس الموصلي رحمه اللّه تعالى يقول: من زعم أن أكل
الشهوات لا يضره فقد أعظم الفرية على اللّه تعالى، و كان الداراني رحمه اللّه
تعالى يقول: من المحال أن يجد أحد لذة الطاعات و هو يتناول الشهوات، و قد كان طاوس
رحمه اللّه يصف للمريض قلة الأكل و يقول: لم يجعل اللّه تعالى لصحيح و لا لمريض
دواء أعظم من ترك الأكل و ما أتى المرض لمريض إلا من جهة الأكل و لذلك كانت
الملائكة لا تمرض لعدم أكلهم عليهم الصلاة و السلام.
و كان أبو سليمان الداراني رحمه اللّه تعالى يقول: من نظر إلى قصر أو
بستان أو غير ذلك فاستحسنه إلا نقص من عقله بقدر ما استحسن، و كان وهيب بن الورد
رحمه اللّه تعالى يقول: من تناول الشهوات فليتهيأ للذل في الدنيا و الآخرة، و كان
يحيى بن معاذ رحمه