صديقا في هواه إلا و خفت على نفسي منه أن
يسعى في قتلي، فإن لم يسع في قتلي يتمنى ظهور عيوبي للناس، و كان محمد بن مقاتل
رحمه اللّه تعالى يقول: احذر شر من تحسن إليه و اعذر أخالك بما تعذر به نفسك ثم
يقول:
و
تعذر نفسك لما أساءت
و
غيرك بالعذر لا تعذر
و
تبصر في العين منه القذى
و
في عينك الجذع لا تبصر
ا ه، فاعلم يا أخي ذلك و إياك و معاداة الناس لا سيما الزوالق و من
يحب الانفراد بالصيت في بلدك فإنهم يكدرون عليك العيش و لو كنت من أكابر الأولياء
فإن الجزء البشري فيك يرق و لا ينقطع، فقد قالوا من تهاون بمعاداة الناس فهو دليل
على نقص عقله، و قالوا لو ابتلى أكمل الناس بالعوام و رموه بالزور و البهتان
لكدروا عليه قلبه، و صار لا يفرق بين الخواطر الربانية و الشيطانية و قد رأيت بعض
إخواننا تهاون بمعاداة شيخ من مشايخ العصر و كان بعض الأمراء يعتقده فكلم الشيخ
ذلك الأمير فكاتب فيه إلى أبواب السلطان فجاء الأمر بنفيه من مصر فنفوه، فاعلم ذلك
و الحمد للّه رب العالمين.
النصح
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
كثرة مكاتباتهم إلى بعضهم بالنصح إذا بعدت الديار و قبول المنصوح النصح و شكره و
فضل من نصحه خلاف ما عليه الناس اليوم، فلا تكاد تنصح أحد إلا و يصير ينظر في
عيوبك ليهجوك بذلك، و كان آخر من أدركت من أصحاب هذا المقام سيدي علي الكازواني
نزيل مكة المشرفة، و كان سيدي محمد بن عراق رحمهما اللّه تعالى يرسل له المكاتبات
التي لا تحتملها الجبال فيفرح لها و يقول: صدق فينا سيدي محمد فجزاه اللّه تعالى
عنا من أخ خيرا، و كتب الأنطاكي رحمه اللّه تعالى إلى بعض أصحابه يقول إلى متى أنت
يا أخي تفرح بما يفتنك و يضرك و تحزن على ما ينفعك من نقض الدنيا و حظوظها.
و كتب حذيفة المرعشي رحمه اللّه تعالى إلى يوسف بن أسباط رحمه اللّه
تعالى يقول له: بعد السلام اعلم يا أخي أن من كانت الفضائل أهم عنده من ترك الذنوب
فهو مخدوع و من حمل القرآن و خالف شيئا مما فيه فقد استهزأ بالقرآن، و كتب طاوس
إلى محكول رحمهما اللّه تعالى يقول له: بعد السلام احذر يا أخي أن تظن بنفسك أن لك
مقاما عظيما