و قد كان الأصمعي رحمه اللّه تعالى يقول:
إذا استضافك بخيل فبادر إليه و علمه الكرم و لا تأكل له طعاما و إياك أن تنسى
دابتك من العلف فإنه ربما فرط في عشائها، و كان يقول ما استضفت عند بخيل إلا و
صاحت دابتي جوعا و استغنيت عن الخلاء و أمنت من التخمة ا ه، قلت و قد أنشدني شيخ
الإسلام كمال الدين الطويل رحمه اللّه تعالى أبياتا في البخيل و هي قوله:
و
إذا أردت أخاءه
فارفع
يمينك عن طعامه
فالموت
أهون عنده
من
مضغ ضيف و التقامه
سيان
كسر رغيفه
أو
كسر شيء من عظامه
و
إذا مررت ببابه
فاحفظ
رغيفك من غلامه
انتهى، فاعلم ذلك يا أخي و فتش نفسك هل تخلقت بتلك الأخلاق أم فرطت
فيها و قلت إن إطعام الطعام ليس هو من طريقتنا و لا طريقة شيخنا كما يقع في ذلك
بعض من ادعى الطريق بغير صدق، و يقول إن كل فقير جعل له سماطا فكأنه جعل مكانه
مناخا للبطالين، فاحذر يا أخي من ذلك فقد ورد في الحديث قوله صلى اللّه عليه و
سلم: [ما جبل ولي اللّه تعالى إلا على السخاء و حسن الخلق].
(قلت) و لا أعلم الآن أحدا من إخواننا في مصر أكرم من الشيخ سليمان
الخضيري و الشيخ جمال الدين خليفة الشيخ شاهين كثر اللّه في المسلمين من أمثالهما
و نفعنا ببركتهما و زادهما من فضله، و الحمد للّه رب العالمين.
الطعام
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
عدم الإجابة إلى طعام من في ماله شبهة من أمير و مباشر و قاض و كاشف و شيخ عرب و
شيخ بلد و تاجر يبيع على الظلمة و أضرابهم و كثرة تعففهم عما في أيدي الناس من
الحلال، و اعلم أن من علامة الشبهة في الطعام أن ينوع الإنسان الأطعمة، لأنه لو
تبع الحل لما وجد شيئا من الحلال ينوع به الطعام، و لذلك نهى رسول اللّه صلى اللّه
عليه و سلم عن أكل طعام المتبادرين- يعني المتفاخرين- و كان عبد اللّه بن عمر رضي
اللّه عنهما يقول: لا تأكل إلا من طعام التقي النقي، و لا تطعم طعامك إلا للتقي
النقي، و كان رضي اللّه عنه لا يجيب إلى وليمة إلا إن وثق بدين صاحبها وثوقا
شديدا.