responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 147

كثرة الحزن‌

(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم): كثرة الحزن على ما فرطوا في جنب اللّه و لو كانوا على عبادة الثقلين لا يرون أنهم قاموا بواجب حق الربوبية عليهم، و لا فرق في ذلك بين العارف و المبتدئ خلاف ما عليه بعض المتصوفة في هذا الزمان من قولهم: إنما يكون الخوف للمبتدئ و أما العارف فلا حزن عليه و لا خوف و هذا من زيادة الجهل، فإن الأكابر قد درجوا كلهم على توالي الحزن إلى أن ماتوا و لكن يحمل قول من قال من الأكابر أن العارف لا حزن عليه أي على فوات أمور الدنيا، و أما الآخرة فترك حزنهم على فواتها مذموم، فقد ورد في الحديث [إن اللّه تعالى يحب كل قلب حزين‌] يعني على فوات حظه من اللّه تعالى في الآخرة.

و كان موسى بن سعيد رحمه اللّه تعالى يقول: لقاح العمل الصالح الحزن، و كان مالك بن دينار رحمه اللّه تعالى يقول: إن القلب إذا لم يكن فيه حزن خرب كما أن البيت إذا لم يكن فيه ساكن خرب، و كان الحسن البصري رحمه اللّه تعالى يقول: و اللّه ما يسع المؤمن في الدنيا إلا الحزن، و كان داود الطائي رحمه اللّه تعالى يقول: كيف لا يحزن في الدنيا من تتجدد عليه المصائب في كل ساعة- يعني الذنوب-.

و لما مات الفضيل بن عياض رحمه اللّه تعالى قال وكيع رحمه اللّه قد ارتفع الحزن البالغ اليوم من الأرض، و كان عبد الواحد بن زيد رحمه اللّه تعالى يقول: لو رأيتم الحسن البصري رحمه اللّه تعالى لقلتم إن اللّه تعالى قد بث عليه حزن الخلائق أجمعين من طول تلك الدمعة و تواصل النشيج، و كان الربيع بن خيثم رحمه اللّه تعالى يقول: ليس أحد أشد هما في الدنيا من المؤمن، لأنه شارك أهل الدنيا في المعايش و زاد عليهم باهتمامه بأمر الآخرة.

و قد كان الحسن البصري رحمه اللّه تعالى لا يراه أحد إلا ظن أنه قريب عهد بمصيبة لما به من شدة الحزن و كذلك أصحابه، و قد كان هرم بن حبان رحمه اللّه تعالى لم يزل مهموما الشهر و الدهر، فإذا قيل له في ذلك يقول: و من أولى مني بذلك و أنا لا أعرف ماذا إليه مصيري اه.

فعليك يا أخي بالحزن حتى لا تجد لك وقتا تتفرغ فيه لشي‌ء من شهوات نفسك في الدنيا و إلا فأنت مغرور فانتبه يا أخي، و الحمد للّه رب العالمين.

نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 147
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست