و قال عمر بن عبد العزيز، رضي اللّه عنه:
أصبحت و مالي في الأمور من اختيار.
و قال بعضهم: و مالي من النعم سوى مواقع القدر في، كائنا ما كان، و
كان قد سقي السم، فقيل له: تعالج، فقال: لو علمت أن شفائي: في أن أمس أنفي أو أذني
ما فعلت.
و قال النبيّ، صلّى اللّه عليه و سلم، لابن مسعود، رضي اللّه عنه:
«يا بن أمّ عبد لا يكثر همّك، ما يقدّر يكن، و ما ترزق تأكله»[1].
و قال النبيّ، صلّى اللّه عليه و سلم، في قصة طويلة لابن عباس، رضي
اللّه عنهما: «فإن استطعت أن تعمل للّه بالرضا في اليقين، و إلا ففي الصبر على ما
تكره: خير كبير»[2].
أفلا ترى أنه، صلّى اللّه عليه و سلم، دعاه إلى أعلى الحالين.
و قال بعض الحكماء: إذا استتم في العبد الزهد و التوكل، و المحبة، و
اليقين، و الحياء، صح له الرضا.
و هو عندنا كما قال، و إلا فهو مع الناس، أوقات و خطرات على قدر
إيمانهم، ثم يعودون إلى الصبر.
و قال بعضهم: الرضا قليل، و معول المؤمن: الصبر.
فقلت: اشرح لي قول الحكيم: الراضي يتلقى المصائب بالبشر و السرور.
قال: إن العبد، لما صدق في محبته، وقعت بينه و بين اللّه، تعالى،
المفاوضة و التسليم، فزالت عن قلبه التهم، و سكن إلى حسن اختيار من أحبه، و نزل في
حسن تدبيره و ذاق طعم الوجود به، فامتلأ قلبه فرحا و نعيما و سرورا، فغلب ذلك ألم
المصائب و المكروه و البلوى، فصار اسم البلوى عليه معلقا، فيستخرج منه إذا نزل به
أمور كبيرة، فتارة يتنعم بعلمه به، إذا علم أنه يراه في البلوى، و تارة يعلم أنه
ذكره، فابتلاه، و لم يغفل عنه، على عظم قدره أن يولي من أمره ما فيه الصلاح، فيراه
تارة يشكو إليه شكوى المحب إلى حبيبه، و تارة يئن إليه؛ و تارة يطمع أن يراه راضيا
عنه.