لما حضرت صلاة المغرب غشى عليه، ثم فتح عينيه، و أومأ[1] فى ناحية البيت و قال: قف، عافاك اللّه، فانما أنت عبد مأمور و أنا عبد مأمور.
و ما أمرت به لا يفوتك و ما أمرت به يفوتنى.
و دعا بماء فتوضأ للصلاة، تم تمدد. و غمض عينيه، و تشهد، و مات، فرئى فى المنام فقيل له:
ما فعل اللّه بك؟
فقال لسائله: لا تسألنى عن هذا، و لكن استرحت من دنياكم الوضرة[2] ..
أبو حمزة الخراسانى
بنيسابور، أصله من محلة «ملقاباذ». من أقران الجنيد، و الخراز و أبى تراب النخشبى. و كان ورعا، دينا.
قال أبو حمزة:
من استشعر ذكر الموت حبب اللّه إليه كل باق، و بغض إليه كل فان.
و قال: العارف باللّه يدافع عيشه يوما بيوم، و يأخذ عيشه يوما ليوم.
و قال له رجل: أوصنى.
فقال: هيىء زادك للسفر الذى بين يديك.
سمعت محمد بن الحسن، رحمه اللّه، يقول: سمعت أبا الطيب العكى يقول:
سمعت أبا الحسن المصرى يقول: سمعت أبا حمزة الخراسانى، يقول:
كنت قد بقيت محرما فى عباء[3]. أسافر كل سنة ألف فرسخ تطلع الشمس على و تغرب، كلما حللت أحرمت.
توفى سنة. تسعين و مائتين.
[1] - أى أشار إلى ملك الموت.
[2] - و فى نسخة القذرة و المعنى واحد. و من أقواله:« الصبر من أخلاق الرجال، و الرضا من أخلاق الكرام»« العمل الذى يصل به العبد إلى الدرجات العلا، رؤية التقصير و العجز و الضعف».
[3] - أى كساء، و يقال فيه: عباية و عباة.