قال رويم: من حكم الحكيم، أن يوسع على إخوانه فى الأحكام و يضيق على
نفسه فيها، فان التوسعة عليهم اتباع العلم، و التضييق على نفسه من حكم الورع.
سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمى، رحمه اللّه، يقول: سمعت عبد
الواحد ابن بكر يقول: سمعت أبا عبد اللّه بن خفيف يقول: سألت رويما، فقلت: أوصنى.
فقال: ما هذا الأمر، إلا ببذل الروح[4]،
فان أمكنك الدخول فيه مع هذا، و إلا فلا تشتغل بترهات[5]
الصوفية.
و قال رويم: قعودك مع كل طبقة من الناس أسلم من قعودك مع الصوفية،
فان كل الخلق قعدوا على الرسوم[6]، و قعدت
هذه الطائفة على الحقائق و طالب الخلق كلهم أنفسهم بظواهر الشرع، و طالب هؤلاء
أنفسهم بحقيقة الورع، و مداومة الصدق، فمن قعد معهم و خالفهم فى شئ مما يتحققون به
نزع اللّه نور الإيمان من قلبه.
« سمت همم المريدين إلى طلب
الطريق إليه، فافنوا نفوسهم فى الطلب، و سمت همم العارفين إلى مولاهم فلم تعطف على
شئ سواه.
الحق استصحب أقواما للكلام، و
استصحب أقواما الخلة .. فمن استصحب الحق لمعنى ابتلاه بأنواع المحن .. فليحذر
أحدكم طلب رتبة الأكابر.
« ... من بلغ بنفسه إلى رتبة سقط
عنها، و من بلغ به ثبت عليها.
[3] - داود الظاهرى: و هو أبو سليمان، داود بن على بن
خلف الأصبهانى، أحد الأئمة المجتهدين فى الإسلام تنسب إليه الطائفة الظاهرية، و
سميت بذلك لأخذها بظاهر الكتاب و السنة و اعراضها عن التأويل و الرأى و القياس.
مولده فى الكوفة سنة 201 ه، و توفى ببغداد سنة 270 ه.
[4] - أى بذل الجهد فى الطاعات و الإعراض عن المحرمات.