يا بشر، لو سجدت لى على الجمر ما أديت شكر ما جعلته لك فى قلوب
عبادى.
و قال بشر: لا يجد حلاوة الآخرة رجل يحب أن يعرفه الناس.
أبو عبد الله الحارث بن أسد المحاسبى
عديم النظير فى زمانه علما، و ورعا، و معاملة، و حالا[2].
بصرى الأصل، مات ببغداد سنة: ثلاث و أربعين و مائتين.
قيل إنه ورث من أبيه سبعين ألف درهم فلم يأخذ منها شيئا. قيل، لان
أباه كان يقول بالقدر[3]، فرأى من
الورع أن لا يأخذ من ميراثه شيئا، و قال: صحت الرواية عن النبى صلى اللّه عليه و
سلم، أنه قال: «لا يتوارث أهل ملتين شيئا».
سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت الحسين بن يحيى يقول:
سمعت جعفر بن محمد بن نصير يقول: سمعت محمد بن مسروق يقول: مات
الحارث بن أسد المحاسبى و هو محتاج إلى درهم، و خلف أبوه ضياعا، و عقارا، فلم يأخذ
منه شيئا.
[2] - قال التميمى: هو إمام المسلمين فى الفقه و التصوف
و الحديث و الكلام.
و قال الغزالى فى كتابه« إحياء
علوم الدين»:« المحاسبى خير الأمة فى علم المعاملة. و له السبق على جميع الباحثين
عن عيوب النفس و آفات الأعمال».
و من كلامه: فقدنا ثلاثة أشياء:
حسن الوجه مع الصيانة، و حسن القول مع الديانة، و حسن الإخاء مع الأمانة. و سمى
بالمحاسبى؛ لأنه كان يحاسب نفسه عملا بقول الرسول:« حاسبوا أنفسكم قبل أن
تحاسبوا».
[3] - كان من القدرية القائلين بانكار عموم القدر الذى
يجب الإيمان به.