نام کتاب : الرسالة القشيرية نویسنده : القشيري، عبد الكريم جلد : 1 صفحه : 161
و اتفق المشايخ على أن من كان أكله من
الحرام لم يفرق بين الإلهام و الوسواس[1].
و سمعت الشيخ أبا على الدقاق، رحمه اللّه، يقول:
من كان قوته معلوما[2] لم يفرق
بين الإلهام و الوسواس، و أن من سكنت عنه هواجس نفسه بصدق مجاهدته نطق بيان[3] قلبه بحكم مكابدته.
و أجمع الشيوخ على أن النفس لا تصدق، و أن القلب لا يكذب.
و قال بعض المشايخ: إن نفسك لا تصدق و قلبك لا يكذب، و لو اجتهدت كل
الجهد أن تخاطبك روحك لم تخاطبك.
و فرق الجنيد بين هواجس النفس و وساوس الشيطان: بأن النفس إذا طالبتك
بشئ ألحت ... فلا تزال تعاودك، و لو بعد حين، حتى تصل إلى مرادها، و يحصل مقصودها،
اللهم إلا أن يدوم صدق المجاهدة، ثم إنها تعاودك و تعاودك.
و أما الشيطان إذا دعاك إلى زلة، فخالفته بترك ذلك، يوسوس بزلة أخرى،
لأن جميع المخالفات له سواء، و إنما يريد أن يكون داعيا أبدا إلى زلة ما، و لا غرض
له فى تخصيص واحد دون واحد.
و قد قيل: كل خاطر يكون من المسلك فربما يوافقه صاحبه، و ربما
يخالفه.
فأما خاطر يكون من الحق سبحانه، فلا يحصل خلاف من العبد له.
و تكلم الشيوخ فى الخاطر الثانى، إذا كان الخاطران من الحق سبحانه،
هل هو أقوى من الأول؟
فقال الجنيد: الخاطر الأول أقوى، لأنه إذا بقى رجع صاحبه إلى التأمل.
و هذا بشرط العلم، فترك الأول يضعف الثانى.
و قال ابن عطاء اللّه: الثانى أقوى، لأنه ازداد قوة بالأول.
و قال أبو عبد اللّه بن خفيف، من المتأخرين:
هما سواء، لأن كليهما من الحق، فلا مزية لأحدهما على الآخر.
و الأول لا يبقى فى حال وجود الثانى، لأن الآثار لا يجوز عليها
البقاء.
[1] - لأن التمييز بينهما إنما يقع بدقيق النظر فى
الأحكام و كمال العلم بالحلال و الحرام.
[2] - أى معينا من جهة ما إذا اطمأن له و اعتمد عليه.