و قالوا: خلق اللّه القلوب و جعلها معادن المعرفة، و خلق الأسرار وراءها[1].
و جعلها محلا للتوحيد. فكل نفس حصل من غير دلالة المعرفة و إشارة التوحيد على بساط الاضطرار فهو ميت، و صاحبه مسئول عنه.
سمعت الأستاذ أبا على الدقاق، رحمه اللّه، يقول:
العارف لا يسلم له النفس، لأنه لا مسامحة تجرى معه، و المحب لا بد له من نفس، إذ لو لا أن يكون له نفس لتلاشى، لعدم طاقته.
و من ذلك:
الخواطر
و الخواطر خطاب يرد على الضمائر، و هو قد يكون بالقاء ملك، و قد يكون بالقاء شيطان، و يكون أحاديث النفس، و يكون من قبل الحق سبحانه.
فاذا كان من الملك فهو. الإلهام.
و إذا كان من قبل النفس، قيل له: الهواجس.
و إذا كان من قبل الشيطان فهو: الوسواس.
و إذا كان من قبل اللّه سبحانه، و إلقائه فى القلب، فهو: خاطر حق.
و جملة ذلك من قبيل الكلام[2].
فاذا كان من قبل الملك، فانما يعلم صدقه بموافقة العلم[3]، و لهذا قالوا: كل خاطر لا يشهد له ظاهر فهو باطل.
و إذا كان من قبل الشيطان فأكثره يدعو إلى المعاصى.
و إذا كان من قبل النفس فأكثره، يدعو إلى اتباع شهوة أو استشعار كبر، أو ما هو من خصائص أوصاف النفس.
[1] - أى بعدها.
[2] - أى جميع ما تقدم فى معنى الخاطر هو من قبيل الكلام النفسى الملقى فى الضمائر.
[3] - بالكتاب و السنة.