نام کتاب : الرسالة القشيرية نویسنده : القشيري، عبد الكريم جلد : 1 صفحه : 157
و لا يكون قرب العبد من الحق إلا ببعده عن
الخلق. و هذه من صفات القلوب دون أحكام الظواهر و الكون.
و قرب الحق سبحانه، بالعلم، و القدرة عام للكافة. و باللطف و النصرة
خاص بالمؤمنين، ثم بخصائص التأنيس[1] مختص
بالأولياء. قال اللّه تعالى: «وَ نَحْنُ أَقْرَبُ
إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ»[2]، و قال تعالى: «وَ نَحْنُ أَقْرَبُ
إِلَيْهِ مِنْكُمْ»[3]، و قال تعالى:
«وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ»[4] و
قال: «ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ»[5].
و من تحقق بقرب الحق، سبحانه و تعالى، فأدونه[6]
دوام مراقبته إياه، لأن عليه رقيب التقوى، ثم رقيب الحفظ و الوفاء، ثم رقيب
الحياء.
و أنشدوا:
كأن
رقيبا منك يرعى خواطرى
و
آخر يرعى ناظرى و لسانى
فما
رمقت عيناى بعدك منظرا
يسوؤك
إلا قلت قد رفعانى
و
لا بدرت من فى دونك لفظة
لغيرك
إلا قلت قد سمعانى
و
لا خطرت فى السر بعدك خطرة
لغيرك
إلا عرجا بعنانى
و
إخوان صدق قد سئمت حديثهم
و
أمسكت عنهم ناظرى و لسانى
و
ما الزهد أسلى عنهم غير أننى
وجدتك
مشهودا بكل مكان
و كان بعض المشايخ يخصّ واحدا من تلامذته باقباله عليه، فقال أصحابه
له فى ذلك، فدفع إلى كل واحد منهم طيرا، و قال. اذبحوه بحيث لا يراه أحد.
فمضى كل واحد و ذبح الطير بمكان خال .. و جاء هذا الإنسان و الطير
معه غير مذبوح؛ فسأله الشيخ، فقال: أمرتنى أن أذبحه بحيث لا يراه أحد، و لم يكن
موضع إلا و الحق سبحانه يراه. فقال الشيخ: لهذا أقدّم هذا عليكم؛ إذ الغالب عليكم
حديث الخلق، و هذا غير غافل عن الحق.