المحبوب معتوب، و المحب منهوب، و القلب مصطلم، و النار في الجوانح
تضطرم، لذا قلنا: الاصطلام نار لها اضطرام، إلا أنه تطفئها بتواليها الأنواء
فتلحقها بالرغام، فلذلك حكمنا بالاصطلام، على المنعوت بين المحبين بالغرام.
(تاج الرسائل- ف ح 4/ 378)
فالاصطلام نار ترد على قلوب المحبين، تحرق كل شيء تجده ما سوى
المحب، و قد تذهب في أوقات بصورة المحبوب في نفس المحب، و هو الوقت الذي يطلب المحب
أن يتخيل محبوبه فلا يقدر على تخيله، و لا يقيم صورته لقوة سلطان حرقة لهيب نار
المحبة، فيقال فيه في ذلك الحال مصطلم، و هو الذي أراد القائل بقوله (القائل مهيار
الديلمي):
أودع
فؤادي حرقا أو دع
ذاتك
توذي أنت في أضلعي
و
ارم سهام الحب أو كفّها
أنت
بما ترمي مصاب معي
موقعها
القلب و أنت الذي
تسكنه
بذلك الموضع
(ف ح 2/ 361، 660- ذخائر الأعلاق- المسامرات/ ح
1)
و من هذه الحال قال قيس بن الملوح مجنون بني عامر صاحب ليلى، و كان
قد جاءته ليلى و هو مصطلم، يأخذ الجليد و يلقيه على صدره فيذيبه من ساعته حرارة الفؤاد،
و هو يصيح: ليلى ليلى؛ طلبا لها لفقد صورتها في خياله، فنادته: يا قيس أنا مطلوبك
أنا ليلى؛ فلم يكن لها في نفسه صورة متخيلة يعرفها بها، إلا أنه لما سمع منها
اسمها قال لها: «إليك عني فإن حبك شغلني عنك» فهذا حال الاصطلام الملازم.
(مسامرات/ ح 2)
و ثم اصطلام يزول في الوقت، و هو ما يرد على القلب من مشاهدة المحبوب
في صورة الخيال، فما دام هذا الخيال دام اصطلامه، و جلال الجمال يمحو هذه الصورة
من النفس،
نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 91