نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 80
و أما الهوى الثاني فلا يكون إلا مع وجود
الشريعة، و هو قوله لداود 7 فَاحْكُمْ بَيْنَ
النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى يعني
محابك، بل اتبع محابي و هو الحكم بما رسمته لك، ثم قال:
فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي يحيرك و يتلفك و يعمي عليك
السبيل، الذي شرعته لك و طلبت منك المشي عليه و الحكم به، فالهوى هنا محاب
الإنسان، فأمره الحق بترك محابه إذا وافق غير الطريقة المشروعة، فإن قلت: فقد نهاه
عما لا يصح أن ينتهي عنه، فإن الحب الذي هو الهوى سلطانه قوي، و لا وجود لعين
العقل معه، قلنا: ما كلفه إزالة الهوى فإنه لا يزول، إلا أن الهوى كما قلنا يختلف
متعلقه و يكون في موجودين كثيرين، و الهوى الذي هو الحب حقيقته حب الاتصال في
موجود ما أو كثيرين، فطلب منه تعالى أن يعلقه بالحق الذي شرع له و هو سبيل اللّه،
كما يعلقه بسبل كثيرة ما هي سبيل اللّه، فهذا معنى قوله:
وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى فما كلفه ما لا يطيق، فإن
تكليف ما لا يطاق محال على العالم الحكيم.
و ما ثمّ غيره، فالأمر أمره، العقل محتاج إليه، و خديم بين يديه، له
التصريف، و الاستقامة و التحريف، عمّ حكمه، لما عظم علمه، فللهوى السراح و السماح،
و له لكل باب مفتاح، سلطانه في الدنيا و الآخرة، و ليست الشهوة سوى الهوى، و من
هوى فقد هوى، لهذا قيل في العاشق: ما عليه من سبيل، و إن ضل عن السبيل، فالنفس محل
الهوى بالحشا لأنها كالمحشوة في البدن، أي حشو فيه، و الشهوة آلة النفس تعلو بعلو
المشتهى و تسفل باستفال المشتهى، و الشهوة إرادة الالتذاذ بما ينبغي أن يلتذ به، و
الحب أعظم شهوة و أكملها، لذا قلنا: «لولا الهوى ما هوى من هوى» به كان الابتلا،
فإما إلى نزول و إما إلى اعتلا، و إما إلى نجاة و إما إلى شقا.