نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 67
ما تألم عند مفارقته، مع كونه ضدا له، فجمع
بين المقادير و الأحوال، لوجود النسب و الأشكال، فالنسب أصل في وجود الأنساب، و إن
كانت الأرواح تخالف الأشباح، و المعاني تخالف الكلمات و الحروف، و لكن تدل الكلمة
على المعنى بحكم المطابقة، بحيث لو تجسد المعنى لما زاد على كمية الكلمة، و مثل
هذا النوع يسمى حبا. (ف ح 2/ 111)
المرتبة الثانية: الحب الروحاني النفسي:
الحب الروحاني النفسي غايته التشبه بالمحبوب، مع القيام بحق المحبوب
و معرفة قدره، و كما أن الحب الطبيعي خاضع للحد و المقدار و الشكل، فإن الحب
الروحاني خارج عن الحد، و بعيد عن المقدار و الشكل، و ذلك أن القوى الروحانية لها
التفات نسبي، فمتى عمت النسب في الالتفات بين المحب و المحبوب، عن نظر أو سماع أو
علم، كان ذلك الحب، فإن نقص و لم تستوف النسب لم يكن حبا، و معنى النسب: أن
الأرواح التي من شأنها أن تهب و تعطي، متوجهة على الأرواح التي من شأنها أن تأخذ و
تمسك، و تلك تتألم بعدم القبول، و هذه تتألم بعدم الفيض، و إن كان لا ينعدم، إلا
أن كونه لم تكمل شروط الاستعداد و الزمان، سمى ذلك الروح القابل عدم فيض، و ليس
بصحيح، فكل واحد من الروحين مستفرغ الطاقة في حب الآخر، فمثل هذا الحب إذا تمكن من
الحبيبين، لم يشك المحب فرقة محبوبه، لأنه ليس من عالم الأجسام و لا الأجساد، فتقع
المفارقة بين الشخصين، أو يؤثر فيه القرب المفرط، كما فعل في الحب الطبيعي،
فالمعاني لا تتقيد و لا تتحيز، و لا يتخيلها[1]
إلا ناقص الفطرة، فإنه يصور ما ليس بصورة؛ و هذا هو حب العارفين الذين يمتازون به
عن العوام أصحاب الاتحاد[2] فهذا محب
أشبه محبوبه في الافتقار، لا في الحال و المقدار، و لهذا يعرف المحب قدر المحبوب
من حيث ما هو محبوب. (ف ح 2/ 111)
و الحب الروحاني هو الحب الجامع في المحب أن يحب محبوبه لمحبوبه و
لنفسه، إذ كان الحب الطبيعي لا يحب المحبوب إلا لأجل نفسه، فاعلم أن الحب الروحاني
إذا كان المحب موصوفا بالعقل و العلم، كان بعقله حكيما، و بحكمته عليما، فرتب
الأمور ترتيب الحكمة، و لم يتعد بها منازلها، فعلم إذا أحب ما هو الحب؟ و ما معنى
المحب؟ و ما حقيقة المحبوب؟