responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود    جلد : 1  صفحه : 66

ثم إن قوة الحب الطبيعي تشجع المحب بين يدي محبوبه له لا عليه، فالمحب جبان شجاع مقدام، فلا يزال هذا حاله ما دامت تلك الصورة موجودة في خياله، إلى أن يموت و ينحل نظامه، أو تزول عن خياله فيسلو.

و من الحب الطبيعي أن تلتبس تلك الصورة في خياله، فتلصق بصورة نفسه المتخيلة له، و إذا تقاربت الصورتان في خياله تقاربا مفرطا، و التصقت به لصوق الهواء بالناظر، يطلبه المحب في خياله فلا يتصوره، و يضيع و لا ينضبط له، للقرب المفرط، فيأخذه لذلك خبال و حيرة مثل ما يأخذ من فقد محبوبه، و هذا هو الاشتياق، و الشوق من البعد، و الاشتياق من القرب المفرط؛ كان قيس ليلى في هذا المقام، حيث كان يصيح: ليلى ليلى في كل ما يكلم به، فإنه كان يتخيل أنه فقيد لها، و لم يكن، و إنما قرب الصورة المتخيلة أفرطت في القرب فلم يشاهدها، فكان يطلبها طلب الفاقد، ألا تراه حين جاءته من خارج، و لم تطابق صورتها الظاهرة الصورة الباطنة المتخيلة التي مسكها في خياله منها، فرآها كأنها مزاحمة لتلك الصورة فخاف فقدها، فقال لها: «إليك عني فإن حبك شغلني عنك» يريد أن تلك الصورة هي عين الحب، فبقي يطلبها ليلى ليلى.

و المحب لا يعلل فعل المحبوب، لأن التعليل من صفات العقل، و لا عقل للمحب، يقول بعضهم: «لا خير في حب يدبر بالعقل» و أنشدني أبو العباس المقراني- و كان من المحبين- لنفسه «الحب أملك للنفوس من العقل»، و المحبوب يعلل أفعال المحب أحسن التعليل لأنه ملكه، فيريد أن يظهر شرفه و علوه، حتى يعلو المحبوب، إذ هو المالك، و هو يحب الثناء على نفسه، و هذا كله فعل الحب، فعل في المحبوب ما ذكرناه، و فعل في المحب ما ذكرناه، و هذا من أعجب الأشياء، أن المعنى أوجب حكمه لمن لم يقم به و هو المحبوب، فإنه أثر فيه حب المحب كما أثر في المحب، فالحب لا يجتمع مع العقل في محل واحد، فلا بد أن يكون حكم الحب يناقض حكم العقل، فالعقل للنطق، و التهيام للخرس.

ثم إنه من شأن الحب الطبيعي أن تكون الصورة التي حصلت في خيال المحب على مقدار المحل الحاصل فيه، بحيث لا يفضل عنها منه ما يقبل به شيئا أصلا، و إن لم يكن كذلك فما هي صورة الحب، و بهذا تخالف صورة الحب سائر الصور، و لهذا طابق العالم الأسماء الإلهية، من غير زيادة و لا نقصان، فإنه عن حب وجد، و لو لا تعشق النفس بالجسم‌

نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود    جلد : 1  صفحه : 66
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست