responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود    جلد : 1  صفحه : 51

تحقيق في النظر و الرؤية لجمال الحق تعالى:

إن اللّه تعالى جميل، و هو المحبوب و هو محب، و تجلي سبحاته تورث الإحراق، فكيف يتعلق به النظر و الرؤية، و هو المحب المحبوب الشفوق؟ فاعلم أن النظر و الرؤية إنما تتعلق بالرب، قال تعالى‌ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى‌ رَبِّها ناظِرَةٌ، فعلق الرؤية بالإحراق، و الإحراق متعلق بالوجه، و هو قوله في الحديث «لأحرقت سبحات وجهه» و وجه الشي‌ء حقيقته و ذاته، و قوله‌ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ يعني الوجه، و هو الذات الإلهية معراة عن الأسماء الإلهية، فلا يتجلى الجميل في الآخرة و الجنة لعباده إلا في الاسم الرب‌[1].

(ذخائر الأعلاق)

السماع و الحب:

اعلم وفقك اللّه، أنه كما أن سبب التجلي الحب، فإنه أصل سبب وجود العالم، كذلك كان السماع سبب كونه، و كان سبب بدء حبنا الحق، سماع كلامه سبحانه و نحن ثابتون في جوهر العماء، فالكون لم يعلم من الحق إلا كلامه، و هو الذي سمع فالتذ في سماعه، فلم يتمكن له إلا أن يكون، و لهذا السماع مجبول على الحركة و الاضطراب و النقلة في السامعين، لأن السامع عند ما سمع قول‌ كُنْ* انتقل و تحرك من حال العدم إلى حال الوجود، فتكوّن، فمن هنا أصل حركة أهل السماع، و هم أصحاب وجد، و لا يلزم فيمن؟

فإن الوجد لذاته يقتضي ما يقتضي، و الوجد عند القوم لا بد لصاحبه من فائدة يأتي بها، فإن جاء بغير فائدة و لا مزيد علم فذلك نوم القلب من حيث لا يشعر، فإن الذي يأتيه في تلك الفجأة إنما يأتيه من اللّه، ليفيده علما بما ليس عنده، مما تشرف به نفسه و تكمل، و تربى على غيرها من النفوس، و لهذا لا يكون الوجد شاهد صدق إلا على نفسه أنه وجد خاصة، لا أنه وجد من اللّه، و لهذا من شرط أهل اللّه في السماع المقيد بالنغم، أن يكونوا على قلب واحد، و أن لا يكون فيهم من ليس من جنسهم، فلا يحضرون إلا مع الأمثال، أو مع‌


[1] - من وجه آخر أقول أنا محمود الغراب: إنه لما كانت الآخرة موطن تجلي الحقائق على ما هي عليه، و قد ثبت أنه تعالى هو المحب المحبوب، و أن حقيقة الحب راجعة إلى اللّه تعالى، و تظهر في الآخرة حقيقة كنت سمعه و بصره على ما هي عليه، فهو تعالى السمع و البصر، فهو الناظر و المتجلي، فلا تحرق سبحات وجهه في الآخرة الناظر إليه، فإن حقيقة البصر هناك راجعة إليه كشفا و تحقيقا.

نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود    جلد : 1  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست