responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود    جلد : 1  صفحه : 50

و هي مطلوبه؟! و هو لا يشهد من هذه المناظر إلا ما هو عليه، فإن التجلي على قدر المتجلى له لا على قدر المتجلي، ففيه يتنزه، و إياه يحب و يعشق، ففي عالم البرازخ يشتفي من أراد الالتذاذ بالمعاني القدسية في القوالب الحسية، و سبب ذلك، الجمع بين الصورتين المعنى و الصورة، فيلتذ المحب عينا و علما، و مع هذا التقرير، فإن الأرواح العلوية من الملائكة، إذا تجلت في الصور الجميلة- كما ظهر جبريل لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في صورة دحية الكلبي- قد يتعشق الناظر بها حالا و مقاما، فيحجبه ذلك عما خلق له، فتكون عليه لحظة مشؤومة، فكم من نفس أبية تحب معالي الأمور، و تكره مذام الأخلاق و التعلق بالأكوان، و مع هذا حجبهم و تيمهم جمال الأكوان في أوقات ما، و في مقامات ما، فماتت و كانت تزعم أن لا تعلق لها و لا تعشق إلا بالنور المحض المطلق، فوقفت مع نور و جمال هذه الأرواح الممثلة، و جهل أن هذه الأرواح في هذه الصور الخيالية، معان لا ثبات لها، فإنها سريعة الزوال من النائم باليقظة، و من المكاشف بالرجوع إلى حسه، فهذه الأرواح في هذه الصور الجليلة، إذا خفن في تجسدهن من تقييدهن بالصورة عما هي عليه من الإطلاق، أشعرن الرائي بأنهن حجاب على أمر هو ألطف مما رأى، فإن الجمال محبوب لذاته، و الحسن معشوق لذاته، و الحسن البديع مشغل للناظر فيه عن نفسه و عن سواه، و من ملكه شي‌ء كان لما ملكه، فالمحب الصادق للّه لا يغتر بتجلي حسن الأكوان العلوية و السفلية لعينه، فإن كل ما خلا اللّه باطل، و من أحب كونا فقد أحب عدما مثله، فكن له تعالى ليكون لك، فو اللّه لو لا الشريعة التي جاءت بالإخبار الإلهي ما عرف اللّه أحد، و لو بقينا مع الأدلة العقلية- التي دلت في زعم العقلاء على العلم بذاته بأنه ليس كذا و ليس كذا- ما أحبه مخلوق، فلما جاء الخبر الإلهي بألسنة الشرائع بأنه سبحانه كذا، و أنه كذا، في أمور تناقض ظواهرها الأدلة العقلية، أحببناه لهذه الصفات الثبوتية، ثم بعد أن أوقع السبب، و ثبت السبب و النسب الموجبات للمحبة، قال‌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‌ءٌ فثبتت الأسباب الموجبة للحب التي نفاها العقل بدليله، و هذا معنى قوله «فخلقت الخلق فتعرفت إليهم فعرفوني» فما يعرف اللّه إلا بما أخبر به عن نفسه، من حبه إيانا و رحمته بنا و رأفته و شفقته و تحببه و نزوله في التحديد، لنمثله تعالى و لنجعله نصب أعيننا، في قلوبنا و في قبلتنا و في خيالنا حتى كأنا نراه، لا بل نراه فينا، لأنا عرفناه بتعريفه لا بنظرنا. (ذخائر الأعلاق- ف ح 2/ 326)

نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود    جلد : 1  صفحه : 50
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست