responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود    جلد : 1  صفحه : 180

التخلق بالأسماء الإلهية:

اعلم أنه كما لا يجتمع الدليل و المدلول، لا تجتمع أنت و هو في حد و لا حقيقة، فإنه الخالق و أنت المخلوق- و إن كنت خالقا-[1]، و أنت المملوك و إن كنت مالكا، فلا يحجبنك الاشتراك في الأخلاق، فإنك المخلوق و هو الخلاق، و ما عدا هذا مما تشير إليه الصوفية من التخلق، فهو تلفيق من الكلام، و قولهم في التخلق بالأسماء كذلك، فالتشبه بالحق هو المطلوب عند أكثر أهل اللّه، و أما عندنا فلا يصح التشبه باللّه، و نحن قد أطلقنا مثل ما أطلقوه، و لكن عن علم محقق، و إطلاق مطلق بأدب إلهي عن تحقق، فهو خلق لا تخلق، قال صلى اللّه عليه و سلم: «بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» فهي أخلاق لا تخلّق، فإن الذي هو له ما هو لك، و إن الذي هو لك ما هو له، فأنت لك بما أنت، و هو له بما هو، و الحقائق لا تنقلب و لا تتبدل، فما تخلق متخلق بأخلاق غيره، و إنما أخلاقه ظهرت عليه لأعين الناظرين، و لا تحقق متحقق بحدود غيره، فإن الحد لا يكون لغير محدود، و لا سيما الحدود الذاتية، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لأشج عبد القيس: «إن فيك خصلتين يحبهما اللّه و رسوله، الحلم و الأناة» فقال الرجل: «يا رسول اللّه أشي‌ء جبلت عليه» قال: «نعم» قال: «الحمد للّه الذي جبلني عليهما» أو كما قال، فمن الأخلاق ما يكون في جبلة الإنسان، و منها مكتسبة، فالمكتسبة هو الذي يعبر عنه بالتخلق، و هو التشبه بمن هو فيه هذه الأخلاق الكريمة، جبليّة في أصل خلقه، لذلك نرى العارفين من عباد اللّه، يجعلون بينهم و بين نعوت الحق عند التخلق بأسماء اللّه، ما وصف اللّه به الملأ الأعلى من تلك الصفة، فيأخذونها من حيث هي صفة لعبيد من عباد اللّه مطهرين، لا من حيث هي صفة للحق تعالى، فإن شرفهم أن لا يبرحوا من مقام العبودية، و هذا الذوق في العارفين عزيز، فإن أكثر العارفين يتخلقون بالأسماء الحسنى من حيث هي أسماء اللّه تعالى، لا من حيث ما ذكرناه من كون الملأ الأعلى قد اتصف بها على ما يليق به، فلا يتخلق العارف بها إلا بعد أن اكتسبت من اتصاف الملأ الأعلى روائح العبودة، فمثل هؤلاء لا يجدون في التخلق بها طعما للربوبية التي تستحقها هذه الأسماء، فمن عرف ما ذكرناه، و عمل عليه، ذاق من علم التجلي ما لم يذقه أحد ممن وجد طعم الربوبية


[1] - من قوله تعالى: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ‌ و قول عيسى 7 أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ.

نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود    جلد : 1  صفحه : 180
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست