نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 175
الفرق بين المحب و العارف
اعلم يا وليّ، بعد ما بيناه من صفة المحبة و لوازمها، و صفة المحب و
نعوته، أن المحب قاصد بسيره و همته، طالب سر الحياة بمقام الصفا من عين الجود،
لتحيى بذلك نفسه، فالهمة لا تعجز عن الطلب و لا عن التعلق، و لكن ما كل ما يراد و
يتعلق به ينال، مثل مقامات الأنبياء :، فلا يحجر على تعلق الهمم، و
الفائدة في تعلقها- و إن لم يحصل لصاحبها قدم في ذلك- قيل نيل الإشراف على
المطلوب، و التنزه فيه، كمن يتنزه فيما هو خارج عنه بجسمه، و بصره يدركه، كتفرجنا
في زينة الكواكب في السماء، و نحن بذواتنا في الأرض، و المحب إذا كان صاحب علم، هو
أتم من كونه صاحب حال، فإن الحال في هذه الدار الدنيا نقص، و في الآخرة تمام، و
العلم هنا تمام، و في الآخرة تمام و أتم، فالعلم أشرف المقامات، كما أن المحبة
أشرف الأحوال، و المحب للّه لا من المحال أن يكون غير عالم باللّه، لأنه محب، و
الحب بذاته يطلب محبوبا، يتعلق به من قام به، حتى يسمى محبا، فلا بد أن يكون
عالما، غير أن العلماء من مراتب، منهم مؤمنون خاصة، فعلموه من جهة الخبر، و
الأخبار متقابلة، فححصا ار المحب، فلم ينضبط له صورة في محبوبه، و منهم من رجح في
الخبر ما أعطاه الخيال، فأحب محدودا متصورا تعلق به، فلا يطلبه في الأشكال و
الأجناس، و هو يتجلى فيها، و منهم العلماء به من حيث التجلي بالعلامة، فهم فيه
بحسب علامتهم، و منهم العلماء به عن نظر فكري، فلا يفيدونه و يؤمنون بكل تجل يعطي
التقييد و التحديد، فيفوتهم من اللّه خير كثير، فمحبوبهم أقرب إليهم من حبل
الوريد، و لكن لا يعلمون أنه هو، فمحبوبهم لا يزال ظاهرا لهم، و هم لا يعرفونه، و
المحب إذا لم يكن عارفا، يخلق في نفسه صورة يهيم فيها و يعشقها، فما عبد و لا
اشتاق إلا لمن هو تحت حيطته، و لا يزيله عن هذا المقام إلا المعرفة، فحيرة العارف
في الجانب الإلهي أعظم الحيرات، لأنه خارج عن الحصر و التقييد، فإن العارف لا تحرق
علومه نار الحب المتأججة في ذاته، فإنها منه تكون،
نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 175