نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 158
روح المعاني
تحقيق أدبي لشعر بعضهم في الحب:
لتحقيق الفرق بين المغنى و المعنى، و بين الإيقاع و ذوق السماع، نقدم
هذا التحليل على ميزان الحب، قال بعضهم:
ناشدتك
اللّه نسيم الصبا
من
أين هذا النفس الطيب
هل
أودعت برداك عند الضحى
مكان
ألقت عقدها زينب
أو
ناسمت رياك روض الحمى
و
ذيلها من فوقها تسحب
فهات
أتحفني بأخبارها
فعهدك
اليوم بها أقرب
هذه الأبيات على لطافتها و رقتها، من أكثف ما قيل في عشق الأرواح،
لأن نسيم الأرواح ألطف من نسيم الرياح، لأنها بعيدة المناسبة عن عالم الطبيعة، و
الرياح ليست كذلك، فالأرواح إذا تنسمت لا تسوق إلا طيبا، فإنها تهب من الحضرة
الذاتية من الغيب الأقدس، فلا تأتي إلا بكل طيب و طيبة، و الرياح ليست كذلك، لأنها
من عالم الطبيعة، فإن مرت على خبيث جاءت بخبيث، و إن مرت بطيب جاءت بطيب، و نسيم
الأرواح إذا مر بخبيث رده طيبا، و إذا مر بطيب زاده طيبا، فلو كان هذا القائل
عاشقا حقيقة لا يتكلم بدعوى زور، لم يجعل الطيب من زينب و إن كانت طيبة، فلو ذكر
أن طيبها زاد به طيب المكان طيبا، و جعل محبوبته تنمّ بأسرارها الرياح، فليست
بمنيعة الحمى، و عالم الطبيعة يخترقها و هو الريح، و أخذ يهجو الريح حيث تعجب من
أين له هذا النفس الطيب؟ فلو ساق الطيب بطريق المفاضلة، بأن يقول: من أين هذا
النفس الأطيب؟ فإنه لم يكن الريح بأمر زائد على نفس محبوبته إذا حققت، لأنها عين
الطيب حيث ظهر طيب.
و سألني بعض أصحابي أن أشرح له هذه الأبيات لو قالها عارف من المحبين
الإلهيين، فأجبته إلى ذلك، فأنا أشرحها إن شاء اللّه.
قوله يخاطب نسيم الصبا: «ناشدتك اللّه» اعلم أن الصبا هي ريح القبول،
و الصبا الميل،
نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 158