نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 153
جده و كبرياؤه عن ذلك، فنزل إلى التبشيش بنا
إذا جئنا إلى بيته لقصد مناجاته، و إلى الفرح بتوبتنا و رجوعنا إليه من إعراضنا
عنه، و التعجب من عدم صبوة الشاب من الشاب الذي في محل حكم سلطانها و إن كان ذلك
بتوفيقه، و إلى نيابته عنا في جوعنا و عطشنا و مرضنا، و إنزاله نفسه إلينا
منزلتنا، لما جاع بعض عبيده قال للآخرين: «جعت فلم تطعمني» و لما عطش آخر من عباده
قال سبحانه لعبد آخر: «ظمئت فلم تسقني» و لما مرض آخر من عباده قال لآخر من عباده:
«مرضت فلم تعدني» فإذا سأله هؤلاء العبيد عن هذا كله يقول لهم:
«أما إن فلانا مرض فلو عدته لوجدتني عنده، أما إنه جاع فلان فلو
أطعمته لوجدت ذلك عندي، أما إنه عطش فلان فلو سقيته لوجدت ذلك عندي»- و الخبر
صحيح- و أحب اللّه بعض عباده، فكان سمعه و بصره و لسانه، فهذا من ثمرة المحبة حيث
نزل إلينا.
و كذا العبد الصادق في محبته ربه يتخلق بأسمائه، فيتخلق بالغنى عن
غير اللّه، و بالعز باللّه تعالى، و بالعطاء بيد اللّه تعالى، و بالحفظ بعين اللّه
تعالى، فالمتخلقون بأسماء اللّه لما أحبوه اتصفوا بصفاته على حد ما يليق بهم[1]. (ف ح 2/ 596، 361، 596، 361، 596)
المحب مصطلم مجهود لا يقول لمحبوبه: لم فعلت كذا؟ لم قلت كذا؟:
قال أنس بن مالك رضي اللّه عنه: خدمت رسول اللّه صلى اللّه عليه و
سلم عشر سنين، فما قال لي لشيء فعلته: لم فعلته؟ و لا لشيء لم أفعله: لم لم
تفعله؟ لأنه كان يرى تصريف محبوبه فيه، و تصريف المحبوب في المحب لا يعلّل بل
يسلّم، لا بل يستلذ، لأن المحب مصطلم بنار تحرق كل شيء تجده في قلبه ما سوى
محبوبه، غيرة، فهو يبذل المجهود و لا يرى أنه وفّى، و لا يخطر له أنه تحرك فيما
يرضي محبوبه.
المحب اللّه- في هذا الموطن لا تتحرك ذرة إلا بإذنه، فكيف يقول: لم؟
و ما فعل إلا هو، يقول الحق لمحبوبه «أنا يدك اللازم له»[2]
لكل محبوب تجل لا يكون لغيره، فما يجتمع عنده اثنان و لا يصح، فهذا الاصطلام، و
نعته بالمجهود ما نسب إليه من التردد.