نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 145
غلب عليهم من التعظيم، فهم الموصوفون
بالكتمان- و سببه الغيرة- و الغيرة من نعوت المحبة، فهم لا يظهرون عند العالم
بأنهم من المحبين، و هذا مقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فإنه وصف نفسه
بأنه أغير من سعد، بعد ما وصف سعدا بأنه غيور، فأتى ببنية المبالغة في غيرة سعد،
ثم ذكر أنه صلى اللّه عليه و سلم أغير من سعد، فستر محبته و ما لها من الوجد فيه،
بالمزاح و ملاعبة الصغير، فإظهار حبه فيمن أحبه- من أزواجه و أولاده و أصحابه- هذا
كله من باب الغيرة، و قوله: إِنَّما أَنَا بَشَرٌ*
فلم يجعل عند نفسه أنه من المحبين، فجهلته طبيعته و تخيلت أنه معها، لما رأته يمشي
في حقها أو يؤثرها، و لم تعلم بأن ذلك عن أمر محبوبه إياه بذلك، فقيل:
إن محمدا صلى اللّه عليه و سلم يحب عائشة و الحسن و الحسين، و ترك
الخطبة يوم الجمعة و نزل إليهما، لما رآهما يعثران في أذيالهما، و صعد بهما و أتم
خطبته، هذا كله من باب الغيرة على المحبوب أن تنتهك حرمته، و هذا ما ينبغي أن يكون
الأمر عليه تعظيما للجناب الأقدس أن يعيّن، ثم لا يظهر ذلك الاحترام من الكون،
فسدل ستر الغيرة في قلوب عباده المحبين.
المحب اللّه- قال صلى اللّه عليه و سلم في هذا الحديث: «و اللّه أغير
مني و من غيرته حرم الفواحش» ليفتضح المحبون في دعواهم محبته، فغار أن يدعي فيه
الكاذب دعوى الصادق، و لا يكون ثمّ ميزان يفصل بين الدعويين، فحرم الفواحش، فمن
ادعى محبته وقف عند حدوده، فتبين الصادق من الكاذب، و الكل باللّه قائم، فغار على
محبوبه منه، فأضاف الأفعال إليه لا إلى العبد، حتى لا ينسب نقص للعبد.
فتنبه أيها الغافل، و استيقظ أيها النائم، فقد جاءك النصح بالتصريح،
و ما قنع بالإشارة و التلويح، هذه عين قد نظرت إلى بهجتها، و أذن أصغت إلى نغمتها،
و يد عطفت فقطفت، و رجل سعت فوصلت، و قلب عشق فلحق، و عقل سار فحار، و عين مفتونة
بلون، و قلب متعشق بكون، و عقل حائر في قضية عين، فلا لون انتقل، و لا كون اتحد
بذات عاشقه فاتصل، و لا حاكم على وجه الحق عثر في قضية العين فحصل، فلا حبيب تدلى،
و لا محب دنا، فعبرة تسكب، و قلب بنار الأسى يتقلب، فإن همّ الحبيب بالاتصال، و
جاد بالوصال، و أذن بالتجلي، فسترى أيها المحب جبالك تتصدع، و شامخك يخشع، و أمنك
يفرق، و قائمك يصعق، و روضك يحرق، و جديدك يخلق، غيرة أن يبقى عزيزا لعزه، و آمنا
لأمنه، أو قائما لقيوميته، أو دائما لديموميته. (ف ح 2/ 358- تاج الرسائل)
نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 145