نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 140
إثبات، فالمحب ما له تصرف إلا فيما يصرّف
فيه، قد حيره حبه، الآن يريد سوى ما يريده به، و الحقيقة في نفس الأمر تأبى إلا
ذلك، و كل ما يجري منه فهو خلق للّه، و هو مفعول به لا فاعل، فهو محل جريان الأمور
عليه، فهو محو في إثبات.
المحب اللّه- لا تقع العين إلا على فعل العبد، فهذا محو الحق، و لا
يعطى الدليل العقلي و الكشف إلا وجود الحق، لا وجود العبد و لا الكون، فهذا إثبات
الحق فهو محو في عالم الشهادة، إثبات في حضرة الشهود. (ف ح 2/ 355)
المحب قد وطّأ نفسه لما يريده به محبوبه:
لما حال الحب بين المحب و بين رؤية الأسباب، و لم يبق له نظر إلا إلى
جناب محبوبه تعالى، جهل ما يحتاج العالم إليه فيه، و لا بد له في نفس الأمر أن
يؤدي إليه ما يطلبه به من حقوقه، كما قال صلى اللّه عليه و سلم: «و لزورك عليك
حقا» فأتى بما يدخل فيه جميع العالم، و هو الزيارة، و هذا من جوامع كلمه، فوطأ هذا
المحب نفسه لما يريده به محبوبه، فعلم ما للعالم من الحقوق عليه، من جهة ما أراده
به محبوبه من تصريفه فيما صرفه، و الحق حكيم، فلا يحركه إلا في العمل الخاص، و
أداء الحق الخاص، فيما يطلبه به من كان من العالم في ذلك الوقت، فيعرف العالم من
اللّه، فيربح شهود الحق، و هو قول الصديق: «ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّه قبله»
فشاهد عين العالم في شهود اللّه.
المحب اللّه- لما كان في نفس الأمر، أن الحق سبحانه لا تقبل ذاته
التصريف فيها، و جعل في نفوس العالم الافتقار إليه، فيما فيه بقاؤهم و مصالحهم و
تمشية أغراضهم، فكأنه قد وطّأ نفسه لجميع ما يريدونه منه و ما يريدونه به، و لهذا
إذا سألوه فيما لم يجيء وقته قال لهم: سَنَفْرُغُ
لَكُمْ فهو الفاعل في كل حال، و ليست ذاته بمحل لظهور الآثار، فقد وقعت
التوطئة، أنه مهيأ لما يحتاج إليه الكون لا لنفسه، و له في كل ما أوجده تسبيح هو
غذاء ذلك الموجود، فلهذا أخبر سبحانه أنه ما من شيء إلا و هو يسبح بحمده.