نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 130
المحب راغب في الخروج من الدنيا إلى لقاء
محبوبه:
و هذا لما ذكرناه قبل، لأن النفس من حقيقتها طلب الاستراحة، و الغم
تعب، و كمونه أتعب، و الدنيا محل الغموم، و الذي يختص به هذا النعت هو رغبة المحب
في لقاء محبوبه، هو لقاء خاص عيّنه الحق، إذ هو المشهود في كل حال، و لكن لما عيّن
ما شاء من المواطن، و جعله محلا للقاء مخصوص، رغبنا فيه، و لا نناله إلا بالخروج
من الدار التي تنافي هذا اللقاء، و هي الدار الدنيا. خيّر النبي صلى اللّه عليه و
سلم بين البقاء في الدنيا و الانتقال إلى الأخرى فقال: «الرفيق الأعلى» فإنه في
حال الدنيا في مرافقة أدنى، و ورد في الخبر أنه: «من أحب لقاء اللّه» يعني بالموت
«أحب اللّه لقاءه، و من كره لقاء اللّه كره اللّه لقاءه» فلقيه في الموت بما
يكرهه، و هو أن حجبه عنه، و تجلى لمن أحب لقاءه من عباده، و لقاء الحق بالموت له
طعم لا يكون في لقائه بالحياة الدنيا، فنسبة لقائنا له بالموت نسبة قوله «سنفرغ
لكم أيها الثقلان» و الموت فينا فراغ لأرواحنا من تدبير أجسامها، فأراد و أحبّ هذا
المحب أن يحصّل ذلك ذوقا، و لا يكون ذلك إلا بالخروج من دار الدنيا بالموت لا
بالحال، و هو أن يفارق هذا الهيكل الذي وقعت له به هذه الألفة، من حين ولد و ظهر
به، بل كان السبب في ظهوره، ففرق الحق بينه و بين هذا الجسم لما ثبت من العلاقة
بينهما، و هو من حال الغيرة الإلهية على عبيده لحبه لهم، فلا يريد أن يكون بينهم و
بين غيره علاقة، فخلق الموت و ابتلاهم به تمحيصا لدعواهم في محبته، فإذا انقضى
حكمه، ذبحه يحيى 7 بين الجنة و النار، فلا يموت أحد من أهل الدارين،
فهذا سبب رغبتهم في الخروج من الدنيا إلى لقاء المحبوب، لأن الغيرة نصب، و يحيى
الموت بالذبح حياة خاصة كما هو حكمنا بعد الموت، فإن الناس نيام فإذا ماتوا
انتبهوا، فترى المحب يدعو بالهلاك على عالم التقييد و التركيب، الذي يمسكه عن
اللحوق بالمشهد العالي الدائم للعالم البسيط، الذي هو للأرواح، فإن المحب مقيد
بالجمال، و غائب عن وجه الحق في كل شيء، في ظلمة و نور، و مركب و بسيط، و لطيف و
كثيف، فلو تحقق ذلك ما أحس بألم الفراق، و لا هيجته الغيرة، كما أن المحب يريد أن
ينطلق من هذا البدن المقيّد له من معارجه، حيث يريد الحركة، فإنه سمع الداعي يقول:
لن يرى ربه أحد حتى يموت، فيرى في هذا العالم الخسيس كل الحجاب، و
الظلمة و طمس الأنوار و الغمة، و لكنه يعزي نفسه بزمن الفناء و الغيبة، في أوقات
الأحوال و الواردات
نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 130