نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 129
المحب دائم السهر:
لما رأى أن المحبوب لا تأخذه سنة و لا نوم، علم أن ذلك من مقام حبه
لحفظ العالم، و دعاه إلى هذا النظر، كون الحق يتجلى في الصور، و للصور أحكام، و من
أحكام بعض الصور النوم، و رآه في مثل هذه الصورة لا تأخذه سنة و لا نوم، من حيث
هذه الصورة، فعلم أن ذلك من مقام حبه لحفظ العالم، و إذا كان المحب جليس محبوبه، و
محبوبه بهذه الصفة، فالنوم عليه حرام، فالمحب يقول مع الفراق: «إن النوم عليه
حرام» فكيف مع الشهود و المجالسة، قال بعضهم في سهر الفراق.
أي غمه مستور لا ظهور له، فسبب ذلك قوله تعالى:
وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ* ثم يرى في شهوده أنه
لا تتحرك ذرة إلا بإذنه تعالى، إذ هو محركها بما تتحرك فيه، و يرى في شهوده ما
يقابل الكون به خالقه من سوء الأدب، و ما لا ينبغي أن يوصف به. مما مدلوله العدم،
فيريد أن يتكلم و يبدي ما في نفسه من الغيرة التي تقتضيها المحبة، ثم يرى أن ذلك بإذنه،
لأنه ممن يرى اللّه قبل الأشياء، مقام أبي بكر، فيسكن، و لا يتمكن له أن يظهر غمه،
لأن الحب حكم عليه، بأن ذلك الذي يعامل به المحبوب لا يليق به، و يرى أنه سلط خلقه
عليه بما أنطقهم به و ما عذرهم، و أرسل الحجاب دونهم، فكمن غم هذا المحب في
الدنيا، فإنه في الآخرة لا غم له، و لهذا يطلب الخروج من الدنيا. (ف ح 2/ 351)