نام کتاب : الحب و المحبة الإلهية من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى نویسنده : غراب، محمود محمود جلد : 1 صفحه : 124
محبوبه و لم يفعل، فالمحب محجوج على كل حال،
و غاية الجمع بينهما، أن يحب حب المحبوب للهجر لا الهجر، و يحب الاتصال لأن الهجر
ما هو عين حب المحبوب الهجر، و حب الحيوان ليس كذلك، لأنه حب طبيعي لا روحاني،
فيطلب الاتصال بمن يحب خاصة، و لا يعلم أن محبوبه له حب في كذا، لا علم له بذلك، و
لهذا قسمنا الحب الذي هو صفة الإنسان إلى نوعين: فيه حب طبيعي و به يشارك البهائم،
و حب روحاني و به ينفصل و يتميز عن الحب الحيواني.
و المحب الإلهي إذا تجلت له صور التجلي، أحاطت به الأشواق و لزمته،
سواء في حال البعد أو القرب، فيوصف بالشوق إلى هذه التجليات المثالية، فإن الشوق
للمحبة وصف لازم، و موصوف بالصبر، لأن الحياة الدنيا ليست بمحل اللقاء، و لما كان
الخطاب يشجي المحب، و الرؤية تورث العشق، فإذا حيل بين المحب و بين هذه المناظر
العلى التي كانت متجلية له، و هو ناظر إليها بفترة، أو وراد إلهي له حكمة بالغة، و
لم يعط الصبر على ذلك، أداه هذا الفراق إلى إظهار ما كان يخفيه من رقة الشوق و
الهوى، كما أنه عند تجلي الجمال يذوب خوفا من أنوار الهيبة، فإن الجمال مهوب معظم
محبوب، و مع ذلك فالمحبوب طالب دوام الرؤية بحكم الاتصال، فإنه هو الذي تيمه و
هيمه بنيران النظر إلى جمال المحبوب، فيزداد شوقه و زفيره في مشاهدة زيادات الحسن
في المشهود، في نظر العين عند الشهود، فالمحب موصوف بالضدين.