المحب منه النصرة و الإيمان، و الرقة و اللطافة، استعطافا لرضى
المحبوب و استلطافا به، و المحبوب إذا لم يكن محبا في نفس الوقت، له الجفا و
البعد، و الغلظة و القهر، و المحب إذا داخل حاله الاعتلال، و الجسم قد خالطه
الانسلال، و العقل قد مازجه الخبال، تذكرت النفس أياما سلفت، فهامت فتلفت، يستعطف
المحبوب بأن يرد اللّه عليه شباب تلك الأيام و الليال، و يقر عينه بالتنزه في
محاسن ذلك الجمال، يا طول حزنه على الفوت، و يا شرّ حياته إن لم يره قبل الموت،
يعاتب محبوبه فيقول له: أخبرني رسول الود- الذي بيني و بينك- أنك عني سالية، و
ديارك عن محبتي خالية، على عروشها خاوية، لا أخطر لك في جنان، و لا أحضر لك في
لسان، و لا أتمثل لك في خيال، و لا أجري لك على بال، و قد علمت يا قرة العين أني
قد قطعت المألوفات، و تركت المستحسنات، و قصدتك من دون العالم أجمع، و خيمت بفنائك
لأخصب و أرتع، و رغبت في سلم الأعداء رغبة في جوارك، و أعطيت الرشوة للرقباء
ليسمحوا لي في دنو مزارك، و أنت تأنفين عن ذكري، و تتوقفين عن ملاحظة