رخصة فيه حيث إنّه لم يصدر منه ع في
جوابه إلّا ذكر ما صدر عن أبي جعفر عليه السّلام في جواب السّائل عنه ع عن الغناء
و لا دلالة له على الرّخص حتّى يكون نقله دليلا على الرّخص منه فيه و ذلك لإجمال
الباطل و تردّده بين أن يكون المراد منه الحرام أو الفاني و لو من جهة عدم الأجر
له فتدبّر ثمّ إنّ المراد من الخراساني هو الرّضا عليه السّلام و من العبّاسي هو
هشام بن إبراهيم العبّاسي بالسّين صاحب يونس على ما حكي عن الغضائري و يشهد له ما
رواه ريّان بن الصّلت قال قلت لأبي الحسن عليه السّلام إنّ هشام بن إبراهيم
العبّاسي يزعم أنّك أحللت له الغناء فقال ع كذب الزّنديق إلى آخر ما في رواية يونس
المنقولة في المتن و هشام هذا على ما حكي عن العيون راشدي كان من أخصّ النّاس عند
الرّضا عليه السّلام قبل أن يحمل يعني إلى مرو و كان عالما لسنا إلى أن قال فلمّا
حمل أبو الحسن عليه السّلام اتّصل هشام بن إبراهيم بذي الرّئاستين و المأمون فحظي
بذلك عندهما و كان لا يخفى عليهما من أخباره شيئا فولّاه المأمون حجابة الرّضا ع و
جعل المأمون ابنه في حجره و قال أدّبه فسمّى هشام العبّاسي لذلك انتهى و ورد فيه
من الطّعن و اللّعن ما ورد كما هو غير خفيّ على من راجع كتب الرّجال ثمّ قيل إنّ
في الرّواية دلالة على قبول خبر الواحد حيث إنّ الإمام ع نسب الكذب إلى الرّجل
المرويّ عنه لمجرّد إخبار ريّان بن الصّلت فتأمّل
قوله و رواية محمّد بن أبي عباد إلى آخره أقول قال السّيد في
كشف الغطاء إنّ رجال السّند كلّهم مجهول لم يذكروها في بحث الرّجال بمدح و لا قدح
ثمّ إنّه قد علم ممّا تقدّم عند الإشكال في الاستدلال بالأخبار المفسّرة للزّور في
قوله و لا يشهدون الزّور بالغناء من أنّ المدح على أمر لا يدلّ على وجوه الإشكال
في دلالة هذه الرّواية على الحرمة بل لا تدلّ على أزيد من التّنزّه عن السّماع و
رجحان تركه فيكون المراد من قوله إنّ لأهل الحجاز فيه رأي هو الرّأي برجحانه لا
بأصل جوازه و كيف كان المستهتر من هتر من باب الاستفعال المولع و الحريص و في بعض
النّسخ مشتهرا بدله قوله و الغناء من السّماع كما نصّ
عليه إلى آخره أقول حيث قال في مادّة غ ن ي و الغناء بالكسر
من السّماع و قال في مادّة س م ع و المسمعة المغنّية و في تاريخ المعجم المؤلّف في
بيان أحوال ملوك العجم في الكلام في أحوال جمشيد ما هذا لفظه السّماع حقيقته نغمات
روحانيّة أنيقة ملائمة بالطّباع و كما أنّ جوهر النّار مخفيّة في الزّند و الزّندة
تلوح بالقدح فكذلك للّه تعالى سرّ مخفيّ في جوهر القلب يلوح بالسّماع انتهى و كيف
كان و لمّا كان الاستدلال بالرّواية على ما ادّعاه مبنيّا على شمول السّماع فيها
للغناء ذكر هذا الكلام تتميما للاستدلال و السّماع الّذي جعله في الصّحاح في تفسير
الغناء و أخذه فيه إنّما هو في عرف المترفين و أرباب مجالس الطّرب عبارة عن اللّهو
يعني أنّ الغناء من أفراد ما يسمّى في العرف سماعا و لأجل الأصالة إلى العرف جعل
المصنف فيما سيجيء تعريف إيضاح من التّعاريف دليل جعله من السّماع إنّما هو بنحو
من التّجوّز من قبيل تسمية المقتضي للشّيء باسمه
قوله و رواية الأعمش إلى آخره أقول لعلّ المراد من ذكر
اللَّه إطاعته الحاصلة ترك ما نهى عنه و فعل ما أمر به و المراد من الصّد عنه
معصيته تعالى بارتكاب الأوّل و ترك الثّاني لا مطلق تذكّره تعالى أعمّ من اللّساني
و القلبي حتّى يشكل بجميع المكروهات و المباحات يعني و الملاهي الّتي يصدّ
الاشتغال بها عن طاعته لكونها معصية للّه تبارك و تعالى كالغناء و ضرب الأوتار و
هذه الرّواية و إن كانت تدلّ على حرمة الغناء لأجل كونه لهوا إلّا أنّ مقتضى توصيف
الملاهي بالصّدّ عن ذكره تعالى أنّه لهو خاصّ فلا تدلّ على حرمة مطلق الصّوت
اللّهوي و إثبات أنّ كلّما يوجد في الخارج من أفراد الصّوت اللّهوي بحسب العرف من
هذا النّحو الخاصّ دونه خرط القتاد قوله و ظاهر هذه الأخبار
بأسرها حرمة الغناء من حيث اللّهو و الباطل
أقول قد تقدّم الإشكال في ذلك عند التّكلّم في الأخبار المذكورة بأنّ مفاد بعضها
حرمته من حيث اللّهو الخاصّ و هو اللّهو المضلّ و الصّادّ عن ذكر اللَّه لا اللّهو
المطلق و أنّ المراد من بطلان الغناء في بعضها الآخر بطلانه و عدم ثبوته شرعا و
مرجعه إلى حرمته
و عدم جوازه
في الشّريعة و بعبارة أخرى إنّ الغناء قبل حرمته الشّرعيّة لا يصدق عليه عنوان
الباطل و غير الثّابت حتّى يكون موضوعا للحرمة بهذا العنوان و إنّما يطرأ عليه ذاك
العنوان من قبل الحكم فكيف يمكن أن يكون علّة و مناطا فيها فتأمّل و افهم و لعلّ
ما استفدناه من الأدلّة المتقدّمة من كون الغناء المحرّم هو خصوص الصّوت اللّهوي
المضلّ و الصّادّ عن الذّكر هو المراد من قوله ع في رواية عليّ بن جعفر الآتية
المسئول فيها عن حكم الغناء لا بأس ما لم يعص به أي ما لم يضلّ و يصدّ عن الذّكر و
من قوله ع و إيّاكم و لحون أهل الفسوق و المعاصي في رواية ابن سنان الآتية كما
تؤمي إليه الإضافة بل و من قوله فيها أيضا و يجيء أقوام يرجّعون القرآن ترجيع
الغناء بأن يكون المراد من الغناء فيها بقرينة سابقه خصوص غناء أهل الفسوق و
المعاصي فإنّ الظّاهر أنّه إعادة لما أمر بالتّحذير عنه بقوله و إيّاكم و لحون أهل
الفسوق و المعاصي فإن قلت إنّ مقتضى الأخبار المتقدّمة ينافي الأخبار الّتي أشرت
إليها أخيرا فإنّ مقتضى إطلاق الأولى أنّ الغناء بجميع أفراده لهو مضلّ و صادّ عن
الذّكر و مقتضى الأخير أنّ ما هو كذلك إنّما هو بعضها قلت نعم و لكنّ الأخيرة من
قبيل المقيّد أو الخاصّ و الأولى من قبيل المطلق أو العامّ على الوجهين في المفرد
المعرّف فيخصّص بها فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ الغناء المحرّم هو الصّوت اللّهوي
المضلّ عن سبيل اللَّه و الصّادّ عن ذكره فإن حصل العلم بانطباق هذا العنوان على
صوت في مورد فيجب الاجتناب عنه قراءة و استماعا و إلّا فمقتضى الأصل هو الإباحة
كذلك قوله فالغناء و هو من مقولة الكيفيّة كما سيجيء إن كان مساويا
للصّوت اللّهوي إلى آخره أقول لا بأس بدعوى التّساوي إلّا أنّ المحرّم
من أفراده خصوص اللّهوي المضلّ الصّادّ لا جميعها كما مرّ و أمّا بناء على عموم
الحرمة لجميعها كما هو مختاره قدّس سرّه فلا مجال لدعوى التّساوي بينه و بين
الغناء فإنّه و إن قوّاه هنا إلّا أنّه بعد ملاحظة التّعميم المذكور مستلزم لحرمة
جميع أفراد الغناء و هو مناف لرواية عليّ بن جعفر الآتية في ذكر الأخبار الّتي
استند إليها الكاشاني و السّبزواري فيما ذهبا إليه من عدم حرمة الغناء إلّا فيما
اشتمل على محرّم قال سألته عن الغناء في الفطر و الأضحى