نام کتاب : رسائل شيخ اشراق نویسنده : شيخ اشراق جلد : 4 صفحه : 70
فإن قيل: كيف يصحّ أن تكون الحركة المتقدّمة علة للمتأخّرة و
المتقدّمة لا تبقى عند وجود المتأخرة؟
يجاب: بأنّ النفوس[1] المحرّكة
للسماويات لها إرادة كلّية ثابتة بحركة دائمة لغرض دائم الوصول، و إرادة[2] جزئيّة من نقطة إلى أخرى[3]. فالإرادة الكلّية مع الوصول إلى
النقطة علة لإرادة الحركة منها إلى غيرها. و الإرادة علة الحركة و الحركة علة[4] لإرادة الحركة منها إلى غيرها. و
الإرادة علة الحركة و الحركة علة الوصول إلى ذلك الغير، فلا زال الوصول مع الإرادة
الكلية علة للإرادة الجزئية. و الإرادة الجزئية علة للحركة، و الحركة علة للوصول و
ينضبط الكل بإرادة كليّة لا تنصرم. و لا تتوقّف إرادة جزئية على نفس حركة توقّفت[5] عليها- و إن توقفت على آخر من
نوعها- فلا دور ممتنع. فصحّ أنّ الحركات السماوية لا يتصوّر انصرامها. و يدلّ
دوامها على دوام السماويات و تنزّهها عن الكون و الفساد.
(63) و العقول التي هي المجردة عن علائق[6]
الأجرام[7] من جميع
الوجوه لا تتغيّر و إلّا أدّى تغيّرها إلى تغيّر واجب الوجود. و الحوادث إنّما
تحصل من المفارق لتجدّد استعداد القوابل لا لتغيّر الفاعل. و يجوز أن يكون فاعل
غير متغير يحصل منه شيء في قابل بعد أن لم يكن، لا لتغيّره، بل لأنّ استعداد
القابل كان جزءا للسّبب[8] و ما كان
محدثا فتمّ السبب فوجد الشيء. و يجوز أن يحصل من[9]
فاعل واحد آثار مختلفة، لا لاختلافه بل لاختلاف القوابل كالشمس تبيّض الثوب
المقصور و تسوّد وجه القصّار.
و المفارق من جميع الوجوه إنّما يصح أن يكون محرّكا غير متحرك؛ لأنّه
يحرّك بالعشق و التشويق كالمعشوق الذي يتحرّك العاشق إليه لشوقه و فرط عشقه[10] و هو غير متحرك، فقد حرّك من غير
أن يتحرك[11]. و الله
أعلم بالصواب[12] و إليه[13] المرجع و المآب.