فَدَخَلَ مُسْلِمٌ الْكُوفَةَ فَسَكَنَ فِي دَارِ سَالِمِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ الشِّيعَةُ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ كِتَابُهُ فَبَايَعَهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَ هُوَ وَالِي الْكُوفَةِ فَجَمَعَ النَّاسَ وَ خَطَبَ فِيهِمْ وَ نَصَحَهُمْ وَ كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ الْحَضْرَمِيُّ وَ عُمَارَةُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ الْوَلِيدِ وَ عُمَرُ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ إِلَى يَزِيدَ إِنْ كَانَ لَكَ حَاجَةٌ فِي الْكُوفَةِ فَابْعَثْ رَجُلًا قَوِيّاً يَنْفُذُ أَمْرَكَ وَ يَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِكَ فَإِنَّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ إِمَّا ضَعِيفٌ أَوْ مُتَضَعِّفٌ.
فَكَتَبَ يَزِيدُ عَلَى يَدَيِ مُسْلِمِ بْنِ عُمَرَ الْبَاهِلِيِّ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ هُوَ وَالِي الْبَصْرَةِ وَ وَلَّاهُ الْكُوفَةَ مَعَ الْبَصْرَةِ وَ أَنْ يَطْلُبَ مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلٍ فَيَقْتُلَهُ أَوْ يَنْفِيَهُ فَالْعَجَلَ الْعَجَلَ.
فَلَمَّا وَصَلَ الْمَنْشُورُ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ قَصَدَ الْكُوفَةِ وَ دَخَلَهَا بَغْتَةً فِي اللَّيْلِ وَ هُوَ مُلَثِّمٌ فَزَعَمَ مَنْ رَآهُ أَنَّهُ الْحُسَيْنُ فَكَانُوا يَقُولُونَ مَرْحَباً يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَدِمْتَ خَيْرَ مَقْدَمٍ حَتَّى نَزَلَ دَارَ الْإِمَارَةِ فَانْتَقَلَ مُسْلِمٌ مِنْ دَارِ سَالِمٍ إِلَى دَارِ هَانِي بْنِ عُرْوَةَ الْمَذْحِجِيِّ فِي اللَّيْلِ وَ دَخَلَ فِي أَمَانِهِ وَ كَانَ يُبَايِعُهُ النَّاسُ حَتَّى بَايَعَهُ خَمْسَةٌ وَ عِشْرُونَ أَلْفَ رَجُلٍ فَعَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ فَقَالَ هَانِي لَا تَعْجَلْ.
ثُمَّ إِنَّ عُبَيْدِ اللَّهِ أَعْطَى مَوْلَاهُ مَعْقِلَ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ قَالَ لَهُ اذْهَبْ حَتَّى تَسْأَلَ عَنِ الرَّجُلِ الَّذِي يُبَايِعُهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ فَأَعْلِمْهُ أَنَّكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ حِمْصٍ جِئْتُ لِهَذَا الْأَمْرِ وَ هَذَا مَالٌ تَدْفَعُهُ لِتَتَقَوَّى بِهِ فَلَمْ يَزَلْ يَتَلَطَّفُ وَ يَسْتَرْشِدُ حَتَّى دُلَّ عَلَى مُسْلِمِ بْنِ عَوْسَجَةَ الْأَسَدِيِّ وَ كَانَ الَّذِي يَأْخُذُ الْبَيْعَةَ فَأَدْخَلَهُ عَلَى مُسْلِمٍ وَ قَبَضَ مِنْهُ الْمَالَ وَ بَايَعَهُ وَ رَجَعَ مَعْقِلٌ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ فَأَخْبَرَهُ.
وَ كَانَ شَرِيكُ بْنُ الْأَعْوَرِ الْهَمْدَانِيُّ جَاءَ مِنَ الْبَصْرَةِ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَمَرِضَ فَنَزَلَ فِي دَارِ هَانِي بْنِ عُرْوَةَ أَيَّاماً ثُمَّ قَالَ لِمُسْلِمٍ إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ يَعُودُنِي وَ إِنِّي مُطَاوِلُهُ الْحَدِيثَ فَاخْرُجْ إِلَيْهِ بِسَيْفِكَ فَاقْتُلْهُ وَ عَلَامَتُكَ أَنْ أَقُولُ اسْقُونِي مَاءً وَ نَهَاهُ هَانِي عَنْ ذَلِكَ فَلَمَّا دَخَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَلَى شَرِيكٍ وَ سَأَلَهُ عَنْ وَجَعِهِ وَ طَالَ سُؤَالُهُ وَ رَأَى أَنَّ أَحَداً لَا يَخْرُجُ فَخَشِيَ أَنْ يَفُوتَهُ فَأَخَذَ يَقُولُ
مَا الِانْتِظَارُ لِسَلْمَى أَنْ يُحَيِّيَهَا
كَأْسَ الْمَنِيَّةِ بِالتَّعْجِيلِ اسْقُوهَا