الرَّجُلُ نَعَمْ وَ إِنِّي لَمُحْتَاجٌ فَقِيرٌ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ كِتَاباً بِيَدِهِ فِي رَقٍّ أَبْيَضَ وَ خَتَمَهُ بِخَاتَمِهِ ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ بِهَذَا الْكِتَابِ اللَّيْلَةَ إِلَى الْبَقِيعِ حَتَّى تَتَوَسَّطَ ثُمَّ تُنَادِي يَا دَرْجَانُ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَجَاءَهُ شَخْصٌ فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْكِتَابَ فَلَمَّا قَرَأَهُ قَالَ أَ تُحِبُّ أَنْ تَرَى أَبَاكَ فَلَا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ بِهِ فَإِنَّهُ بِضَجْنَانَ فَانْطَلَقَ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى أَتَانِي رَجُلٌ أَسْوَدُ فِي عُنُقِهِ حَبْلٌ أَسْوَدُ مُدْلِعٌ لِسَانَهُ يَلْهَثُ[1] وَ عَلَيْهِ سِرْبَالٌ أَسْوَدُ فَقَالَ لِي هَذَا أَبُوكَ وَ لَكِنْ غَيَّرَهُ اللَّهَبُ وَ دُخَانُ الْجَحِيمِ وَ جُرَعُ الْحَمِيمِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَالِهِ قَالَ إِنِّي كُنْتُ أَتَوَالَى بَنِي أُمَيَّةَ وَ كُنْتَ أَنْتَ تَتَوَالَى أَهْلَ الْبَيْتِ وَ كُنْتُ أُبْغِضُكَ عَلَى ذَلِكَ وَ أَحْرَمْتُكَ مَالِي وَ دَفَنْتُهُ عَنْكَ فَأَنَا الْيَوْمَ عَلَى ذَلِكَ مِنَ النَّادِمِينَ فَانْطَلِقْ إِلَى جَنَّتِي فَاحْتَفِرْ تَحْتَ الزَّيْتُونَةِ فَخُذِ الْمَالَ وَ هُوَ مِائَةٌ وَ خَمْسُونَ أَلْفاً وَ ادْفَعْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ خَمْسِينَ أَلْفاً وَ لَكَ الْبَاقِي قَالَ فَفَعَلَ الرَّجُلُ كَذَلِكَ فَقَضَى بِهَا أَبُو جَعْفَرٍ دَيْناً وَ ابْتَاعَ بِهَا أَرْضاً ثُمَّ قَالَ أَمَا إِنَّهُ سَيَنْفَعُ الْمَيِّتَ النَّدَمُ عَلَى مَا فَرَّطَ مِنْ حُبِّنَا وَ ضَيَّعَ مِنْ حَقِّنَا بِمَا أَدْخَلَ عَلَيْنَا مِنَ الرِّفْقِ وَ السُّرُورِ.
جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ فَرَفَعَ أَبُو جَعْفَرٍ بِيَدِهِ وَ قَالَ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَرَفَعْتُ فَوَجَدْتُ السَّقْفَ مُتَفَرِّقاً وَ رَمَقَ نَاظِرِي فِي ثُلْمَةٍ حَتَّى رَأَيْتُ نُوراً حَارَ عَنْهُ بَصَرِي فَقَالَ هَكَذَا رَأَى إِبْرَاهِيمُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَ انْظُرْ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَلَمَّا رَفَعْتُهُ رَأَيْتُ السَّقْفَ كَمَا كَانَ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي وَ أَخْرَجَنِي مِنَ الدَّارِ وَ أَلْبَسَنِي ثَوْباً وَ قَالَ غَمِّضْ عَيْنَيْكَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ أَنْتَ فِي الظُّلُمَاتِ الَّتِي رَأَى ذُو الْقَرْنَيْنِ فَفَتَحْتُ عَيْنَيَّ فَلَمْ أَرَ شَيْئاً ثُمَّ تَخَطَّى خُطًى وَ قَالَ أَنْتَ عَلَى رَأْسِ عَيْنِ الْحَيَاةِ لِلْخَضِرِ ثُمَّ خَرَجْنَا مِنْ ذَلِكَ الْعَالَمِ حَتَّى تَجَاوَزْنَا خُمُسَهُ فَقَالَ هَذِهِ مَلَكُوتُ الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ غَمِّضْ عَيْنَيْكَ وَ أَخَذَ بِيَدِي فَإِذَا نَحْنُ فِي الدَّارِ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَ خَلَعَ عَنِّي مَا كَانَ أَلْبَسَنِيهِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ كَمْ ذَهَبَ مِنَ الْيَوْمِ فَقَالَ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ.
ابن حماد
ولاء النبي و آل النبي
عقدي و أمني من مفزعي
[1] لهث الكلب و غيره: اخرج لسانه من التنفس الشديد عطشا او تعبا او إعياء.