كَانَ الصِّبْيَانُ يُسَمُّونَكَ ابْنَ رَاعِيَةِ الْكِلَابِ وَ أَنْتَ تَلْعَبُ مَعَهُمْ قَالَ نَعَمْ قَالَ هَلْ أَخْبَرَتْكَ أُمُّكَ أَنَّهَا حَمَلَتْ بِكَ وَ هِيَ طَامِثٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَبَايِعْ فَبَايَعَ ثُمَّ قَالَ خَلُّوا سَبِيلَهُ وَ رُوِيَ أَنَّهُ جَاءَهُ لِيُبَايِعَهُ فَرَدَّهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً فَبَايَعَهُ وَ تَوَثَّقَ مِنْهُ أَلَّا يَغْدِرَ وَ لَا يَنْكُثَ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُكَ تَفْعَلُ هَذَا بِغَيْرِي فَقَالَ يَا غَزْوَانُ احْمِلْهُ عَلَى الْأَشْقَرِ فَأَرْكَبَهُ[1] فَتَمَثَّلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع
أُرِيدُ حَيَاتَهُ وَ يُرِيدُ قَتْلِي
غَدِيرُكَ مِنْ خَلِيلِكَ مِنْ مُرَادٍ
امْضِ يَا ابْنَ مُلْجَمٍ فَوَ اللَّهِ مَا أَرَى تَفِي بِمَا قُلْتَ وَ فِي رِوَايَةٍ وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُخْضَبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذَا.
الْحَسَنُ الْبَصْرِيُ أَنَّهُ ع سَهِرَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَ لَمْ يَخْرُجْ لِصَلَاةِ اللَّيْلِ عَلَى عَادَتِهِ فَقَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ مَا هَذَا السَّهَرُ قَالَ إِنِّي مَقْتُولٌ لَوْ قَدْ أَصْبَحْتُ فَقَالَتْ مُرْ جَعْدَةَ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ قَالَ نَعَمْ مُرُوا جَعْدَةَ لِيُصَلِّ ثُمَّ مَرَّ وَ قَالَ لَا مَفَرَّ مِنَ الْأَجَلِ وَ خَرَجَ قَائِلًا
خَلُّوا سَبِيلَ الْجَاهِدِ الْمُجَاهِدِ
فِي اللَّهِ ذِي الْكُتُبِ وَ ذِي الْمَشَاهِدِ
فِي اللَّهِ لَا يَعْبُدُ غَيْرَ الْوَاحِدِ
وَ يُوقِظُ النَّاسَ إِلَى الْمَسَاجِدِ
.
رُوِيَ أَنَّهُ ع سَهِرَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَأَكْثَرَ الْخُرُوجَ وَ النَّظَرَ إِلَى السَّمَاءِ وَ هُوَ يَقُولُ وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ وَ إِنَّهَا اللَّيْلَةُ الَّتِي وُعِدْتُ بِهَا ثُمَّ يُعَاوِدُ مَضْجَعَهُ فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ أَتَاهُ ابْنُ التَّيَّاحِ وَ نَادَى الصَّلَاةَ فَقَامَ فَاسْتَقْبَلَهُ الْإِوَّزُ فَصِحْنَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ دَعُوهُنَّ فَإِنَّهُنَّ صَوَائِحُ تَتْبَعُهَا نَوَائِحُ وَ تَعَلَّقَتْ حَدِيدَةٌ عَلَى الْبَابِ فِي مِيزَرِهِ فَشَدَّ إِزَارَهُ وَ هُوَ يَقُولُ
اشْدُدْ حَيَازِيمَكَ لِلْمَوْتِ
فَإِنَّ الْمَوْتَ لَاقِيكَا
وَ لَا تَجْزَعْ مِنَ الْمَوْتِ
إِذَا حَلَّ بِوَادِيكَا
فَقَدْ أَعْرِفُ أَقْوَاماً
وَ إِنْ كَانُوا صَعَالِيكَا[2]
مَسَارِيعَ إِلَى الْخَيْرِ
وَ لِلشَّرِّ مَتَارِيكَا
[1] الظاهر ان ما قاله( ع) مثل يضرب لمن طلب حاجة و دنا قضائها. و ذكرت القصة في القاموس فراجع.
[2] الصعاليك جمع الصعلوك: الفقير. الضعيف.