أُفَاوِضُكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ فَقَالَ ع إِنَّا لَمْ نَقْضِ بِالْكِتَابِ بَعْدُ قَالَ وَ اللَّهِ لَا أُصَالِحُكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَداً فَقَالَ النَّبِيُّ ع فَأَجِرْهُ لِي قَالَ مَا أَنَا بِمُجِيرِهِ لَكَ قَالَ مِكْرَزٌ بَلَى أَجَرْنَاهُ فَقَالَ النَّبِيُّ إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ بَأْسٌ إِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى أَبِيهِ وَ أُمِّهِ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُتِمَّ لِقُرَيْشٍ شَرْطَهَا فَقَالَ عُمَرُ وَ اللَّهِ مَا شَكَكْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ الْقِصَّةَ فَنَزَلَ إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص بَدَنَةً وَ أَمَرَ بِحَلْقِ شَعْرِهِ.
قَالَ الصَّادِقُ ع فَمَا انْقَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ حَتَّى كَادَ الْإِسْلَامُ يَسْتَوْلِي عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَ لَمَّا رَجَعَ ص إِلَى الْمَدِينَةِ انْفَلَتَ[1] أَبُو بَصِيرِ بْنُ أُسَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ الثَّقَفِيُّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَبَعَثَ الْأَخْنَسُ بْنُ شُرَيقٍ فِي أَثَرِهِ رَجُلَيْنِ فَقَتَلَ أَحَدَهُمَا فَأَتَى النَّبِيَّ ع مُسْلِماً مُهَاجِراً فَقَالَ ص مُسَعِّرُ حَرْبٍ[2] لَوْ كَانَ مَعَهُ أَحَدٌ ثُمَّ قَالَ شَأْنَكَ بِسَلَبِ صَاحِبِكَ وَ اذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ فَخَرَجَ أَبُو بَصِيرٍ وَ تَبِعَهُ خَمْسَةُ نَفَرٍ أَيْضاً حَتَّى كَانُوا بَيْنَ الْعِيصِ وَ ذِي الْمُرُوءَةِ مِنْ أَرْضِ جُهَيْنَةَ عَلَى طَرِيقِ عِيرَاتِ قُرَيْشٍ مِمَّا يَلِي سِيفَ الْبَحْرِ وَ انْفَلَتَ أَبُو جَنْدَلٍ فِي سَبْعِينَ رَاكِباً أَسْلَمُوا فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ وَ اجْتَمَعَ إِلَيْهِمْ نَاسٌ مِنْ غِفَارٍ وَ أَسْلَمَ وَ جُهَيْنَةَ حَتَّى بَلَغُوا ثَلَاثَمِائَةٍ لَا يَمُرُّ بِهِمْ عِيْرٌ لِقُرَيْشٍ إِلَّا أَخَذُوهَا وَ قَتَلُوا أَصْحَابَهَا وَ أَخَذُوا عِيراً فِيهَا أَبُو الْعَاصِ صِهْرُ النَّبِيِّ ص فَخَلَّوْا سَبِيلَهُ وَ لَمْ يَقْتُلُوا أَحَداً مِنْهُمْ فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ إِلَى النَّبِيِّ ع يَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ فَتَقَدَّمُوا عَلَيْهِ وَ قَالُوا مَنْ خَرَجَ مِنَّا إِلَيْكَ فَأَمْسِكْهُ غَيْرَ حَرِجٍ.
سَنَةَ سَبْعٍ
قَالَ الْوَاقِدِيُّ- فَتْحُ خَيْبَرَ فِي الْمُحَرَّمِ لَمَّا دَنَا النَّبِيُّ ع مِنْهَا رَفَعَ يَدَيْهِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ مَا أَظْلَلْنَ وَ رَبَّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ مَا أَقْلَلْنَ وَ رَبَّ الشَّيَاطِينِ وَ مَا أَضْلَلْنَ أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَ خَيْرَ مَا فِيهَا وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَ شَرِّ مَا فِيهَا وَ لَمَّا رَأَتْ أَهْلُ خَيْبَرَ عَمَلَ عَلِيٍّ ع قَالَ أَبِي الْحَقِيقِ لِلنَّبِيِّ ع انْزِلْ فَأُكَلِّمَكَ قَالَ نَعَمْ فَنَزَلَ وَ صَالَحَ النَّبِيَّ ع عَلَى حَقْنِ دِمَاءِ مَنْ فِي حُصُونِهِمْ وَ يَخْرُجُونَ مِنْهَا بِثَوْبٍ وَاحِدٍ.
فَدَكُ
فَلَمَّا سَمِعَ أَهْلُ فَدَكَ قِصَّتَهُمْ بَعَثُوا مُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ ع يَسْأَلُونَهُ أَنْ يَسْتُرَهُمْ بِأَثْوَابٍ فَلَمَّا نَزَلُوا سَأَلُوا النَّبِيَّ ع أَنْ يُعَامِلَهُمْ الْأَمْوَالَ عَلَى النِّصْفِ فَصَالَحَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَ كَذَلِكَ فَعَلَ بِأَهْلِ خَيْبَرَ.
[1] انفلت: اي خرج بسرعة و تخلص.
[2] المسعر بكسر الميم: موقد نار الحرب.