و إن وفدا[1]
قدموا على المأمون من بلاد الروم فأكرمهم، فلما رجعوا إلى بلادهم[2] قال عقلاؤهم: ما رأينا مثل المأمون
جلالة و عظمة[3] و عقلا، و
لا رأينا[4] مثل وزيره
في حسن[5] سمعته و
كمال أوصافه لو لا أنه حديث[6] السن و من
شأن الملوك[7] أن
يستوزروا المشايخ الذين اجتمعت لهم الحلية و الرياسة و العلم و التجربة- فأخبره
اصحابه بذلك.
قال: فاجتجب ثلاثة أيام (في داره)[8]
يعالج لحيته حتى ظهر للناس و هي بيضاء.
و لا يجوز أن يكون الوزير إمرأة لقوله صلى اللّه عليه و سلم[9]: «ما أفلح قوم أسندوا أمرهم إلى
امرأة».
الركن الثاني من أركان المملكة: الرعية
(اعلم أن الرعية ركن شديد من أركان المملكة)[10]
و هم قسمان[11]: خاصة و
عامة[12]، و الخاصة
قسمان: متضّع[13] في خدمه
الملك و مطبوع على الانكشاف[14] و القيام
بحقوق الخدمة.
[1] - الحكاية في تحفة الوزراء الثعالبي ص 17- 18 وردت
على لسان موسى بن عبد اللّه عن الفضل بن سهل و نصها:« ان الفضل بن سهل فرق عيونا
له من نصحائه في البلدان و امرهم أن يسألوا عن عيوبه، فعاد واحد منهم و اخبره أن
وفدا وفدوا على المأمون ...»
[2] (*) ... قال عقلاؤهم ... يبدأ من هنا نص مخطوط
مكتبه برنستون( ب).
[7] - الفكرة في كتاب نصيحة الملوك للغزالي ص 275. و
نصها:« يجب ان يكون الوزير عالما عاقلا شيخا فاضلا، لان الشاب و إن كان عاقلا لا
يكون في التجربة كالشيخ».
[13] (**) المتضع: الوضيع، الدنيء، خافض الرأس و
الجناح.
[14] - الانكماش: س؛ م؛ ب.- بالحيل قوي الحدس. و يذكر
عنه انه قتل على يد اربعة من المماليك و هو في الحمّام عام 202 ه عن عمر ناهز
الستين عاما انتقلت الوزارة من بعد لاخيه الحسن بن سهل. قارن عن حياته: الفخري في
الآداب السلطانية ص 221- 222 تاريخ الطبري 7/ 148. البداية و النهاية 10/ 249.
مروج الذهب للسعودي 4/ 5. الكامل لابن الاثير 5/ 150، 191، 192.