و على هذا الوصف مدار الوزارة (و به تنتظم)[1] أمور السياسة، و متى لم تجتمع في
الوزير هذه الاوصاف العشرة كان تدبيره ناقصا بقدر ما نقص منها.
و حكي ان المأمون كتب في اختيار وزيره[2]:
إني التمست لنفسي و تدبير أموري رجلا جامعا لخصال الخير، ذا عفة في خلائقه و
استقامه في طرائقه[3]، قد هذبته
الآداب و احكمته[4] التجارب،
إن اؤتمن على الاسرار قام بها و ان قلّد مهمات الامور نهض فيها، يسكنه الحلم و
ينطقه العلم و تكفيه اللحظة و تغنيه اللحمة، له صولة الامراء و اناة الحكماء و
تواضع العلماء و فهم الفقهاء، إن أحسن شكر و إن ابتلى بالاساءة صبر، لا يبع نصيب
يومه بحرمان غده يسترق قلوب الرجال بحلاوة لسانه و حسن بيانه.
و هذه الاوصاف[6] إن كملت
في الوزير- و قل ما تكمل- فالصلاح بنظره[7]
عام و بتدبيره[8] تام، و ان
اختلت[9] فالصلاح
بحسب نقصها مختل و التدبير على قدرها معتل. و قد كان الفضل بن سهل[10] وزير المأمون يبعث أصحابه إلى
البلاد (عيونا ليسمعوا)[11] ما تقوله
الناس فيه من خير أو شر فيطالعونه بذلك، فما سمع من خير ازداد منه و ما سمع من عيب
فيه ازاله عنه[12].
[2] - القول بنسبة و نصه الحرفي في الاحكام السلطانية
للماوردي ص 22. و في تحفة الوزراء للثعالبي ص 25- 26 ينسب لعمرو بن مسعدة و تجده
ايضا في العقد الفريد لابن طلحة، ص 145.
[6] - القول للماوردي في الاحكام السلطانية ص 23. و
نصه:« فهذه الاوصاف اذا كملت في الزعيم المدبر- و قل ما تكمل- فالصلاح بنظره عام و
ما يناط برأيه و تدبيره تام، و ان اختلت فالصلاح بحسبها يختل التدبير على قدرها
يعتل ...»
[10] - الفضل بن سهل: هو الفضل بن سهل بن عبد اللّه
السرخسي( ...- 202 ه) من اولاد ملوك الفرس المجوس، اسم والده سهل أيام الرشيد. وزر
الفضل للخليفة المأمون و لقب بذي الرياستين رياسة الحرب و القلم، و كان خبيرا بعلم
النجوم حليما بليغا عالما بآداب الملوك بصيرا-