و عقله و عدله و احترامه، فإذا عرى عن شيء
من ذلك ذهبت قوته و ضعف[1] عن حمل[2] المملكة، كالطبائع الاربعة المركبة
في جسد[3] الانسان،
لا قوام له إلا بها، فإذا خلا عن واحدة منها انحل تركيب الجسد و زهقت منه النفس،
فإذا استقام الملك بهذه الاوصاف الاربعة[4]
قامت به مملكته[5].
الركن الاول من اركان المملكة: الوزارة
و هي على ضربين[6] وزارة
تفويض و وزارة تنفيذ، فأما وزارة التفويض فهو أن يستوزر الملك من يفوض إليه تدبير
الأمور برأيه، لان ما وكل الى الملك من تدبير الرعية لا يقدر على مباشرته جميعه
إلا بالاستنابه[7]، و اما
وزارة التنفيذ فالنظر فيها مقصور على رأي الملك و تدبيره.
و الوزير[8] واسطة بين
الملك و بين الرعية، يؤدي عنه ما أمر به و ينفذ ما ذكر و يمضي ما حكم و يخبر عنه
بتقليد الولاة و تجهيز الجيوش، و يعرض عليه ما ورد من أمر مهم[9]
و ما تجدد من حدث ملم. و لا مندوحة للملك عن نظر الوزير و استعمال رأيه فيما يجهله
من أمور التدبير و الوقائع الحادثة، و قد روت عائشة رضي اللّه عنها أن النبي صلى
اللّه عليه و سلم قال[10]: «من
أستعمل على عمل و اراد اللّه به خيرا جعل له وزير صدق، أن نسي ذكّره و إن ذكر
أعانه».
و قد (يثب المصروع)[11] من الملوك
برأي وزيره حتى يعلو[12] من صرعه[13] بقوة
[6] - الفكرة مقتبسة حرفيا عن الاحكام السلطانية
للماوردي ص 22، 25. و نصها:« الوزارة على ضربين: وزارة تفويض و وزارة تنفيذ. فأما
وزارة التفويض فهو ان يستوزر الإمام من يفوض إليه تدبير الامور برأيه و امضاءها
على اجتهاده ... و اما وزارة التنفيذ فحكمها أضعف و شروطها أقل لان النظر فيها
مقصور على رأي الامام و تدبيره» قارن أيضا: قوانين الوزارة و سياسة الملك للماوردي
تحقيق رضوان السيد ص 138. و أيضا: انظر اقسام الوزارة عند الثعالبي في تحفة
الوزراء ص 30.