و قال[1]
صلى اللّه عليه و سلم[2]: اني لا
امزح و لا اقول إلا حقا. و قال[3] سعيد بن
العاص[4] لأبنه:
يا بني اقتصد في مزاحك فإن الافراط فيه يذهب بالبهاء و يجرىء عليك السفهاء، و
الاقتصاد منه بالكلية يبغضك إلى اصحابك و مؤنسيك، فامزح معهم و ليكن بمقدار ما
يحصل لهم به الانس منك من غير افراط، و ليحذر[5]
مع هذا الشرط[6] ان يمازح
الآدمي[7] عدوّه
فيصر ذلك طريقا إلى اعلان المساوىء، فقد قال بعض الحكماء: إذا مازحت عدوك اظهرت
عيوبك.
الوصف الرابع عشر- الضحك
اعلم[8] ان كثرة[9] الضحك تضاهي المزح[10] في المذمة و القبح، و لا تقتضيه
حال الملوك و ارباب المناصب لما فيه من زوال الهيبة و ذهاب الوقار و قلة الأدب، و
قد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لأبي ذر الغفاري[11]
رضي اللّه عنه[12]: اياك و
كثرة
[2] - الحديث في ادب الدنيا و الدين ص 300. و في
الاحياء 3/ 128. و في شرح نهج البلاغة 2/ 116.
و في بهجة المجالس 1/ 565. و في
كشف الخفاء و مزيل الالباس 1/ 272.
[3] - القول بنسبة في ادب الدنيا و الدين ص 299. و
بمعناه في بهجة المجالس 1/ 567.
[4] - سعيد بن العاص( 3- 59 ه): هو سعيد بن سعيد بن
العاص بن أمية الاموي القرشي، صحابي جليل و من الامراء و الولاة الفاتحين ولاه
عثمان الكوفة، و عهد إليه معاوية بولاية المدينة فتولاها الى ان مات و ذكر عنه انه
كان سخيا فصيحا اعتزل فتنة الجمل و صفين، و هو احد الذين كتبوا المصحف لعثمان.
قارن عنه: تاريخ الاسلام للذهبي حوادث 59 ه. طبقات ابن سعد 5/ 19.
[11] - ابو ذر الغفاري: هو جندب بن جناده، اسمه بربر و
هو صحابي محدث ثقة و راوية و اول من اسلم بمكة هاجر الى المدينة بعد معركة الخندق
و لازم الرسول حضرا و سفرا، و بعد موت الرسول و ابي بكر استقدمه عثمان بن عفان الى
المدينة حيث بقي حتى مات و كان ذلك عام 32 ه. قارن عنه:
البداية و النهاية 1/ 164- 165.
تاريخ الطبري 3/ 354- 355 الكامل لابن الاثير 3/ 67.
المعارف لابن قتيبة ص 110.
[12] - حديث عن أبي هريرة رواه ابن ماجة. انظر كشف
الخفاء و مزيل الالباس 1/ 323. انظر ايضا: بهجة المجالس 1/ 569.