و يذهب ماء الوجه بعد حيائه
و يعقبه من بعد عزته ذلا
و قال آخر:[1]
و لقد حبوتك يا بني نصيحتي[2]
فاسمع مقال اب عليك شفيق
أما المزاح مع المراء فدعهما
خلقان[3] لا ارضاهما لصديق
إني[4] بلوت فلم اكن احمدهما
لمجاور جار[5] و لا لرفيق
و الجهل قد يضع الفتى في قومه
و عروقه في الناس اي عروق
حتى تراه مجانبا ذا بغضه
في الحيّ غير محبب مرموق
و اعلم ان النفوس متى سلك[6] بها الجد و الزمت به سئمت منه و ضجرت و استثقلت حمل الحق، و ربما افضى بها ذلك[7] إلى ضيق الصدر و سوء الخلق.
فينبغي ان يريحها بقليل المزاح و يسير[8] الدعابة، و ليكن كما قال[9] ابو الفتح البستي:
أفد طبعك المكدور بالجد راحة
يجمّ[10] و علله بشيء من المزح
و لكن إذا اعطيته المزح فليكن
بمقدار ما تعطي الطعام من الملح
[1] - الابيات الثلاثة الأولى وردت في عيون الاخبار 1/ 318 على لسان مسعر بن كدام قالها في وصيته لابنه، و جاء مطلع البيت الاول بلفظ:« و لقد حبوتك يا كدام نصيحتي». و نجد الشعر أيضا في بهجة المجالس 1/ 428.
[2] -وصيتي: ب؛ ف.
[3] -خلقان لا ارضاهما لصديق: ساقط في ف.
[4] -اني بلوت فلم اكن احمدهما: ساقط في ف.
[5] -ساقطة: م؛ ط. ق.
[6] -لزم بها الحد و سلكت به: ب.
[7] - ساقطة: م.
[8] - و شيء من: ب.
[9] - الشعر بنسبة في ادب الدنيا و الدين ص 300. و بغير نسب في قوانين الوزارة للماوردي، ص 135. قا.
ايضا: ديوان ابي الفتح البستي ص 240.
[10] - ترحه: في المخطوطات. و ما اثبتناه من ديوان البستي.- 1/ 136. و قد انشدته جارية جميلة لاعرابي اختلى بها و حاول الاعتداء عليها قالت:
سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً
و أعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ
فمَاسَ دلالًا و ابتهاجاً و قال لى
برفقٍ مجيباً( ما سألتَ يَهُونُ)