و كان يقال: لا يواجه[1]
العجول محمودا و لا الغضوب مسرورا و لا الشره غنيا[2]
و قيل: انه اجتمع اربعة ملوك من الروم عند حكيم من حكمائهم فقالوا:
اوصنا ايها الحكيم[3] وصية
ننتفع بها فيما صار الينا من امر الملك فقال: من استطاع منكم ان يمنع نفسه من
اربعة اشياء فهو حقيق ان لا ينزل به مكروه و هي: العجلة و اللجاجة و العجب و
التواني، فثمرة العجلة الندامة، و ثمرة اللجاجة الحيرة، و ثمرة العجب البغضة، و
ثمرة التواني الذلة. و كان يقال: التثبت في النوائب معقل اهل التجارب، و العجلة في
الامور داعية إلى كل محذور.
و اوصى ملك من ملوك اليمن من يخلفه من بعده فقال: اوصيك بتقوى اللّه
تعالى فإنك ان تتقيه يهدك و يرض عنك، و متى رضي الرب عن عبده[4]
ارضاه، و آمرك ان لا تعجل فيما لا تخاف فيه الفوت[5]
فإن العجلة ندامة، و إذا شككت في امر فشاور، و إذا اتهمت فاستدل، (و إذا استكفيت
فاختبر)[6]، و إذا
قلت فاصدق، و إذا وعدت فانجز، و إذا أودعت في حق فانفذ و اعلم انك اذا ضبطت حاشيتك
ضبطت قاصيتك و السلام.
و اعلم ان العجلة مذمومة الا في افعال البر و صنائع المعروف فانها
حسنة محمودة. قال بعض الحكماء[7]: على
الملك ان يعمل بخصال ثلاث: تأخير العقوبة في سلطان الغضب، و تعجيل مكافأة[8] المحسن، و الاناة فيما يحدث، فإن
له في تأخير العقوبة امكان العفو و في تعجيل المكافأة بالاحسان المسارعة إلى
الطاعة من الرعية، و في الاناة انفساح الرأي و اتضاح[9]
الصواب.
[7] - القول منسوب لأوشهنج في الحكمة الخالدة لمسكويه ص
13. و لعلي بن أبي طالب في الجوهر النفيس في سياسة الرئيس لابن الحداد، ص 74. و
القول أيضا في بهجة المجالس 1/ 338. و في بدائع السلك لابن الازرق ج 2، ص 163 نقلا
عن محاسن البلاغة للتدميري.