و اهلها و بلدها، فأخبرته انها لم تكن تعلم
من امر مولاها اكثر من انه تاجر[1] اشتراها
من ابيها بوزنها ذهبا، و سألها عن قناعها فقالت: كسانيه سيدي[2]
و عرفني انه سيهديني للملك، و ان من شأن الملوك إذا وقع واحد منهم على جارية و نزع
عنها ان تمسح ذكره بما على رأسها كائنا ما كان، فان لم تفعل ذلك سقطت من عين الملك
و تعرضت لسخطه.
فعلم خاقان انها مخدوعة[3]
فلم يتعرض لها بشر[4]. و لما
عاد صاحب بهرام اليه و اخبره بما تم له من المكيدة، امر بهرام باحضار الفاتك
التركي و اخيه و احسن اليهما، و كتب معهما كتابا إلى خاقان يقول فيه: ان الحسد و
البغي اورداك و اوردا وزيرك وزير السوء موارد الندم و قد كنا انزلناك بمنزلة الأخ
قبل ان نعرف خبث نيتك فينا و حسدك لنا، فلما علمنا ذلك منك اردنا بك ما اردته بنا،
فقضى اللّه لنا عليك بنجاح السعي لعلمه بصلاح نيتنا و خبث نيتك. و الآن فاتق اللّه
على نفسك، فلسنا نعرض لك بسوء إذا لزمت حسن النظر لنفسك بمسالمتنا.
قال: فلما انتهى الكتاب إلى خاقان عرف (من اين اتى)[5]، ثم انه داخلته الحمية و الانفه[6]، فتجهز لقتال بهرام في امم من
الترك لا تحصى و سار إلى ارض فارس، فانتخب بهرام أجنادا[7]
من اساورة[8] الفرس، و
لقيه فهزمه[9] و قتل
رجاله و نهب امواله و استولى على بلاده، و كان سبب[10]
اثارة هذه الفتنة الحسد و البغي.
الوصف الثاني عشر- العجلة
اعلم ان العجلة رديئة العاقبة مذمومة الاثر[11]
ينتجها طيش و تهور، اولها ملامة و آخرها ندامه، لا يفارقها الزلل و لا يتعداها
الفشل، و قد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم[12]:
العجلة من الشيطان.