يجب الحمل، وإن لم
تكن موجودة في الطريق، واحتاج إلى الحمل، كالسفر في البرّ والبحر، فذهب جماعة إلى
عدم وجوب الحمل؛ لأنّه من تحصيل الاستطاعة، ويسقط وجوب الحجّ حينئذٍ، وذهب آخرون
إلى وجوب الحمل، إلّا إذا كان حرجيّاً زائداً على ما يقتضيه الحجّ. وهذا القول هو
الصحيح؛ لصدق أنّ له زاداً على ما إذا تمكّن من حمله، وإن لم يكن موجوداً في
الطريق ولا يختصّ بوجوده في الطريق، بل عليه أن يحمله، ولو بأن يستأجر دابّة
لحمله.
والحاصل لو
استطاع أن يحمل الزاد، ولو بأن يحمّله الدابّة وجب عليه ذلك، ومجرّد عدم وجدان
الزاد في الطريق لا يوجب سقوط الحجّ.
اختلف
الأصحاب في اعتبار الراحلة من حيث الضعة والشرف، فذهب جماعة إلى مراعاة شأن
المكلّف وحاله ضعة وشرفاً بالنسبة إلى الراحلة، وذهب آخرون إلى عدم اعتبار ذلك،
واستدلّ الأوّل بنفي الحرج، فإنّ الدليل وإن كان مطلقاً من هذه الجهة، إلّاأنّ
قاعدة نفي الحرج حاكمة على الإطلاقات.
وربما يشكل
التمسّك بنفي الحرج من جهة أنّ مقتضى حكومة نفي الحرج هو نفي الوجوب لا نفي
المشروعية والكلام في الثاني، وعليه لو تحمل الحرج يحكم بصحّة حجّه وإجزائه عن حجّ
الإسلام، فعدم الإجزاء يحتاج إلى الدليل، ولا دليل.
والحاصل:
أنّ أقصى ما تدلّ عليه قاعدة نفي الحرج، هو نفي الوجوب لا نفي المشروعية، فلو تحمل
الحرج، فمقتضى القاعدة هو الحكم بالصحّة والإجزاء، إذ لا منافاة بين كون الشيء
غير واجب في الشريعة وبين الحكم بالإجزاء بمقتضى الجمع بين أدلّة نفي الحرج
والإطلاقات....
وممّا يدلّ
على اعتبار اليسار في حجّة الإسلام وعدم وجوبه عند العسر