وثانياً:
أنّ الخبرين، وإن كانا ضعيفين بناءً على نقله لهما من «الكافي»، إلّا أنّهما في
«من لا يحضره الفقيه» صحيحان، فإنّه رواهما فيه عن إبراهيم بن مهزيار وطريقه إليه
في المشيخة أبوه عن الحميري عنه، وهو في أعلى مراتب الصحّة.
وثالثاً:
أنّ ما ذكره- من أنّه يمكن المناقشة في الوجه الأوّل بأنّ انتقال القدر المعيّن
بالوصيّة ينتقل عن الموصي إنّما يتحقّق مع إمكان صرفه فيها- وهم محض نشأ من عدم
إعطاء التأمّل حقّه في الأخبار المتعلّقة بهذه المسألة؛ فإنّ المفهوم منها على وجه
لا يعتريه الشكّ والإنكار، هو ما ذكره جلّ علمائنا الأبرار- رفع اللَّه اقدارهم في
دار القرار- من أنّه بالوصيّة ينتقل عن الموصي، ولا يعود إلى ورثته، ومع عدم
إمكانه في المصرف الموصى به يرجع إلى المصرف في أبواب البرّ، كما سيأتي تحقيق ذلك،
وبذلك يظهر لك ما في كلامه قدس سره من قوله:
ولهذا وقع
الخلاف في أنّه إذا قصر المال الموصى به... فإنّ هذا الخلاف بعد دلالة النصوص على
التصدّق- كما سيظهر لك إن شاء اللَّه تعالى- مساهلة وجزاف، فإنّ الخلاف مع عدم
الدليل، بل قيام الدليل على العدم، إنّما هو اعتساف وأيّ اعتساف».[1]