ثانيها: أنّ ذلك كان حراماً دائماً، لكن أنزل اللَّه الحور من الجنّة، أو بعض الجنّ، فوقع النكاح معهنّ.
ثالثها: أنّ آدم لم يكن أوّل إنسان خلق على وجه الأرض، بل كان قبله اناس آخرون لم ينقرض جميعهم، فكان الزواج بين أبناء آدم وبقايا من اناس سابقين.
وقد استدلّ للقول الأوّل ببعض الآيات من الذكر الحكيم:
منها: قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ...[1].
والمخاطب في الآية جميع الناس، والمراد من «الذكر» و «الانثى» هو آدم وحوّاء بلا ريب، كما فهمه المفسّرون وغيرهم، وكما يشير إليه الشعر المعروف:
الناس من جهة التمثال أكفاء
أبوهم آدم والامّ حوّاء
فإن يكن لهم في أصلهم شرف
يفاخرون به فالطين والماء
فظاهر الآية رجوع نسل الجميع إلى آدم وحوّاء، ولو كان نسلهم من الحور أو الجنّ أيضاً، للزمت الإشارة إليه.
ومنها: قوله تعالى في سورة النساء: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيراً وَنِسَاءً ...[2].
وظاهرها أيضاً كون الجميع من أصلين: آدم وزوجه، لا غير.
وما احتمله بعضهم؛ من كون المراد منه خصوص أولاد آدم في الطبقة الاولى، ينافي ما ثبت في التأريخ من أنّه لم يكن لآدم أولاد كثيرون رجالًا
[1]- الحجرات( 49): 13 ..
[2]- النساء( 4): 1 ..