قرينة، و
ليس المراد منه ما يفهم من لفظه و هو سبق المعنى بالنسبة إلى معنى آخر في الذهن أو
سرعة حصوله فيه[1].
ثمّ
إنّ التبادر علامة الحقيقة عند الاصوليين من غير خلاف ظاهر.
و
لا يخفى أنّ تبادر المعنى من اللفظ من غير قرينة في زماننا هذا علامة على كونه
معنى حقيقيا للفظ في الأزمنة السابقة على زمان التبادر، و ذلك لبناء العقلاء و
سيرتهم على ذلك في محاوراتهم، و قد يعبّر عنه بالاستصحاب القهقرائي على عكس
الاستصحاب المصطلح، فإن المتيقن في الاستصحاب القهقرائي لا حق و المشكوك سابق، و
هذا حجّة عند العقلاء، بل على ذلك تدور استنباط الأحكام الشرعية من الألفاظ
الواردة في الكتاب و السنّة، ضرورة أنّه لو لا اعتباره لا يثبت لنا أنّ هذه
المعاني المتبادرة في زماننا هذا هي المعاني الحقيقية في زمان صدور هذه الألفاظ[2].
و
التبادر على قسمين:
1-
التبادر عند أهل المحاورة، و هو أن يرجع الجاهل بالوضع إلى
أهل المحاورة في مقام استعلام اللغات فيحصل له العلم بالوضع بما يرى من تبادر
المعنى من اللفظ من غير قرينة عندهم.
2-
التبادر عند المستعلم، و هو أن يكون تبادر المعنى من اللفظ من غير
قرينة عنده علامة على كونه معنى حقيقيا.
و
هذا القسم يتوقف على العلم الإجمالي الارتكازي بالمعنى الحقيقي، فإذا رأى أنّ هذا
المعنى المعلوم ارتكازا يتبادر من اللفظ من غير قرينة يحصل له العلم
[1] - راجع الكفاية: 18، و مناهج الوصول 1: 125، و
المحاضرات 1: 120.