اختاره
الشيخ الأنصاري رحمة اللّه بين ما إذا كان الشكّ في المقتضي فلا يجري الاستصحاب أو
الشكّ في الرافع فيجري،[1] و
استقصاء هذه الأقوال و التماس أدلّتها على اختلافها من التطويل غير المستساغ في
هذا المختصر.
فالأنسب
صرف الكلام الى التماس الأدلّة على أصل الحجّيّة و بيان مقدار ما تدلّ عليه، و
منها يعرف القول الحقّ من جميع هذه الأقوال.
الدليل:
استدلّ
على حجّيّة الاستصحاب بعدّة أدلّة أهمّها:
1-
السيرة العقلائيّة:
و
يتكوّن هذا الدليل من مقدّمتين قطعيّتين:
ألف:
ثبوت بناء العقلاء على إجراء الاستصحاب عند الشكّ في بقاء الحالة السابقة في جميع
أحوالهم و شئونهم مع الالتفات الى ذلك و التوجّه اليه و عدم الاعتناء بالشكّ في ارتفاع
الشيء بعد العلم بوجوده خارجا و اقتضائه للبقاء، فالاستصحاب من الظواهر
الاجتماعيّة العامّة التي ولدت مع المجتمعات و درجت معها، و ستبقى- ما دامت
المجتمعات- ضمانة لحفظ نظامها و استقامتها.
ب-
كشف هذا البناء عن موافقة الشارع و اشتراكه معهم، فإنّ النبي صلّى اللّه عليه و
آله حيث لم يردع عن هذه الظاهرة الاجتماعية العامة، فعدم ردعه صلّى اللّه عليه و
آله عنها يدلّ على رضاه و إقراره لها.