ثمّ إنّ
مجرى البراءة إنّما هو الشكّ في التكليف، و هو على أقسام، لأنّ الشكّ قد يكون في
التكليف النفسي الاستقلالي، و قد يكون في التكليف الغيري، و على كلا التقديرين قد
تكون الشبهة حكميّة و قد تكون موضوعيّة.
و
الشبهة الحكميّة قد تكون وجوبيّة و قد تكون تحريميّة، و منشأ الشكّ في الشبهة
الحكميّة، تارة: يكون فقد النصّ. و اخرى: إجمال النصّ. و ثالثة: يكون تعارض
النصّين[1].
مستند
القاعدة:
و
هناك عدّة محاولات للاستدلال على هذه القاعدة:
1-:
«إنّ التكليف إنّما يكون محرّكا للعبد بوجوده الواقعي كما هو الحال في سائر
الاغراض الاخرى، فالأسد مثلا إنّما يحرّك الإنسان نحو الفرار بوجوده المعلوم لا
وجوده الواقعي، و عليه فلا مقتضي للتحرّك مع عدم العلم. و من الواضح، أنّ العقاب
على عدم التحرّك مع أنّه لا مقتضي للتحرّك قبيح»[2].
2-
الاستشهاد بالأعراف العقلائيّة، و استقباح معاقبة الآمر- في المجتمعات العقلائيّة-
مأموره على مخالفة تكليف غير واصل»[3].
3-
إنّ كلّ أحكام العقل العملي مردّها إلى حكمه الرئيسي الأوّلي بقبح الظلم و حسن
العدل، و نحن نلاحظ أنّ مخالفة ما قامت عليه الحجّة خروج عن رسم العبوديّة و هو
ظلم من العبد لمولاه، فيستحقّ منه الذمّ و العقاب، و أنّ مخالفة ما لم