نام کتاب : تذكرة الخواص من الأمة بذكر خصائص الأئمة نویسنده : سبط ابن الجوزي جلد : 2 صفحه : 520
إليها و قلت: لم تفعلين هذا؟
فقالت: يا عبد اللّه، لا تسأل عمّا لا يعنيك.
قال: فوقع في خاطري من كلامها شيء[1]،
فألححت عليها، فقالت: يا عبد اللّه، قد ألجأتني[2]
إلى كشف سرّي إليك، أنا امرأة علويّة، ولي أربع بنات يتامى، مات أبوهنّ من قريب، و
هذا اليوم الرّابع ما أكلنا شيئا، و قد حلّت لنا الميتة، فأخذت هذه البطّة أصلحها
و أحملها إلى بناتي فنأكلها.
قال: فقلت في نفسي: و يحك يا ابن المبارك، أين أنت عن هذه؟
فقلت: افتحي حجرك، ففتحته فصببت الدّنانير في طرف إزارها و هي مطرقة لا تلتفت
إليّ.
قال: و مضيت إلى المنزل، و نزع اللّه من قلبي شهوة الحجّ في
ذلك العام، ثمّ تجهّزت إلى بلادي، و أقمت حتّى حجّ النّاس و عادوا، فخرجت أتلقّى
جيراني و أصحابي، فجعلت كلّ من أقول له: قبل اللّه حجّك و شكر سعيك، يقول: و أنت
كذلك، أما قد اجتمعنا بك في مكان كذا و كذا، و أكثر النّاس عليّ في القول، فبتّ
مفكّرا في ذلك، فرأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم في المنام و هو يقول لي:
«يا عبد اللّه، لا تعجب، فإنّك أغثت ملهوفة من ولدي، فسألت اللّه أن يخلق ملكا على
صورتك يحجّ عنك كلّ عام إلى يوم القيامة، فإن شئت أن تحجّ، و إن شئت لا تحجّ»[3].
و قد رويت لنا هذه الحكاية من طريق أخرى، و هو أنّ ولدا صغيرا
لابن المبارك دخل بيت بعض الأشراف، فوجدهم يأكلون لحما، فلم يطعموه، فجاء إلى ابن
المبارك[4] و هو يبكي، فسأله، فقال:
دخلت بيت فلان و هم يأكلون طبيخا فلم يطعموني، و كانوا جيرانه.