بذلك قد
ركبوا أمرا عظيما؛ و لذلك نبههم و حذّرهم سلام اللّه عليه من هذا النوع من
الاقتراحات بقوله: ... وَ
اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ[1].
و
يجيب الحواريون بما يوجه طلبهم و يفسره، و بما يوضح قصدهم، و يدفع الاحتمالات
الاخرى فيه، فذكروا أنّ هذا الطلب لامور أربعة:
أ-
الأكل من المائدة السماوية؛ إذ يكون بركة و جائزة و مفخرة لهم من بين الامم يختصون
بها، و سببا لليقين و الاطمئنان.
ب-
اطمئنان القلب بالإيمان به تعالى، و برسالته، و بالعلاقة التي لهم معه سبحانه و
تعالى في اختيارهم و اصطفائهم؛ لتحمل المسئوليات العظيمة و بالطريق الذي هم عليه.
ج-
العلم اليقيني بأنّه قد صدقهم فيما بلغهم عن ربه من مسئوليتهم و اختيارهم بما يدفع
خطرات القلوب و وساوس النفوس.
د-
ان يشهدوا على هذه الآية العظيمة التي تحققت باقتراحهم، فتكون أبلغ في الإيمان و
الاحتجاج عند المنكرين و عند اللّه في يوم القيامة، و يكونوا قد شهدوها بحواسهم
جميعا، فقد رأوها بأعينهم، و سمعوا الدعاء و الاستجابة بآذانهم، و لمسوها بأيديهم،
و أكلوا منها و استذاقوا طعمها بأفواههم، و شمّوا رائحتها بانوفهم.
و
لما فسّر الحواريون طلبهم سأل عيسى ربه أن يكرمهم بها، و يجعل نزولها عيدا لأولهم
و آخرهم، و جائزة و مفخرة و كرامة لهذه الامّة من الحواريين، أو من يلحق بهم من
الناس، و يختصمون بها من بين الناس جميعا.
كما
طلب عيسى عليه السّلام من اللّه في الوقت نفسه أن يجعلها آية اخرى على