و
حين أودع اللّه في فطرة آدم علم الاشياء من غير تحديد عرض الاشياء على الملائكة و
أطلعهم عليها اطلاعا إجماليا، ثم طالبهم بمعرفتها و الانباء بها و اذا بهم يظهرون
التسليم و الخضوع و العجز و الاعتراف.
و
عند ذلك أمر اللّه آدم أن ينبئهم بالاشياء ففعل، و ذلك لتتكشف لهم الحقيقة بأوضح
صورها و أشكالها.
و
أمّا الصورة الثانية: فهي التي عرضها العلّامة الطباطبائي، و هي تختلف عن الصورة
السابقة في بعض الجوانب، و نحن نقتصر على ذكر جوانب الخلاف التي سبق أن أشرنا إلى
بعضها:
1-
إنّ خليفة اللّه موجود مادي مركب من القوى الغضبية و الشهوية، و الدار دار تزاحم
محدودة الجهات وافرة المزاحمات، لا يمكن أن تتم فيها الحياة إلّا بإيجاد العلاقات
الاجتماعية، و ما يستتبعها من تصادم و تضاد في المصالح و الرغبات، الأمر الذي يؤدي
إلى الفساد و سفك الدماء.
2-
إنّ الملائكة حين تعجبوا كانوا يرون أنّ الغاية من جعل الخلافة هي: أن يحكي
الخليفة مستخلفه بتسبيحه بحمده و تقديسه له بوجوده، و الأرضية أي: الانتماء إلى
الأرض و شهواتها لا تدعه يفعل ذلك، بل تجره إلى الفساد و الشر، و الغاية من هذا
الجعل يمكن أن تتحقق بتسبيحهم بحمد اللّه و تقديسهم له.
3-
إنّ آدم استحقّ الخلافة؛ لقدرته على تحمل السر الذي هو: عبارة عن تعلم الأسماء
التي هي: أشياء حية عاقلة محجوبة تحت حجاب الغيب محفوظة عند اللّه. و قد أنزل
اللّه كلّ اسم في العالم بخيرها و بركتها، و اشتق كلّ ما في السماوات و الأرض من
نورها و بهائها، و إنّهم على كثرتهم و تعددهم لا يتعددون تعدد