و هم صافون
و يفعلون ما يؤمرون إلى غير ذلك من الأعمال المحدودة.
3-
و ما نعرفه بالنظر و الاختبار عن حال الحيوان و النبات و الجماد، فإنّها بين ما
يكون لا علم له و لا عمل كالجماد، أو يكون له عمل معين يختص به نفسه دون أن يكون
له علم و إرادة، و لو فرض أنّ له علما أو إرادة فهما لا أثر لهما في جعل عملهما
مبينا لحكم اللّه و سنته في الخلق، و لا وسيلة لبيان أحكامه و تنفيذها.
فكل
حي من الأحياء المحسوسة و الغيبية- عدا الإنسان- له استعداد محدود و علم إلهامي
محدود و ما كان كذلك لا يصلح أن يكون خليفة عن الذي لا حد لعلمه و إرادته.
و
أمّا الإنسان فقد خلقه اللّه ضعيفا و جاهلا، و لكنّه على ضعفه و جهله فهو يتصرف في
الموجودات القوية، و يعلم جميع الاسماء بما وهبه اللّه من قدرة على النمو و التطور
التدريجي في إحساسه و مشاعره و إدراكه، فتكون له السلطة على هذه الكائنات يسخرها
ثم يذللها بعد ذلك كما تشاء قوته الغريبة التي يسمونها العقل، و لا يعرفون حقيقتها
و لا يدركون كنهها، فهذه القوة نجدها تغني الإنسان عن كل ما وهب اللّه للحيوان في
أصل الفطرة و الإلهام من الكساء و الغذاء و الاعضاء و القوة.
فالانسان
بهذه القوة غير محدود الاستعداد، و لا محدود الرغائب، و لا محدود العلم، و لا
محدود العمل.
و
كما أعطاه اللّه- تعالى- هذه المواهب أعطاه أحكاما و شرائع حدد فيها أعماله و
أخلاقه، و هي في الوقت نفسه تساعده على بلوغ كماله؛ لأنّها مرشد للعقل الذي كان له
كل تلك المزايا.
و
بهذا كله استحق الإنسان خلافة اللّه في الارض، و هو خلق المخلوقات بها، و نحن نشاهد
في عصرنا آثار هذه الخلافة بما فعله الإنسان من تطوير و سيطرة